للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

والثّاني: اجتهاديّة، وذلك لعدم ورود شيء صريح فيه، وعدّ آيات السّورة لا يعني تحديد موضع الفاصلة للآية.

[الترجيح]

القول الأوّل- فيما أرى- أشبه بالصّواب؛ لأجل ما جاء عن النّبيّ صلى الله عليه وسلم من الوقوف على رءوس الآي، وتقطيع القراءة آية آية (١)، وأنّه كان يقرأ بالعدد من الآيات في الصّلاة، مع ملاحظة خواتم الآي وما فيها من التّناسق والجناس فيما قد علم حصره من عدد الآي كسورة الفاتحة أو الملك، والّذي يجري نظيره في جميع سور القرآن، جميع ذلك يؤكّد أنّ فواصل الآي توقيفيّة، هكذا تلقّاها النّاس عن رسول الله صلى الله عليه وسلم.

كما يؤكّد ذلك من جهة أخرى؛ أنّ ما يكون مرجعه لمجرّد الاجتهاد فإنّه يفتقر إلى ميزان منضبط، ورءوس الآي لا تخضع لقاعدة واحدة، ولم يرد


(١) كما في حديث أمّ سلمة رضي الله عنها: أنّها سئلت عن قراءة رسول الله صلى الله عليه وسلم؟
فقالت: كان يقطّع قراءته آية آية: بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ، الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعالَمِينَ، الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ، مالِكِ يَوْمِ الدِّينِ.
أخرجه أحمد (٦/ ٣٠٢) وأبو داود (رقم: ٤٠٠١) والتّرمذيّ (رقم: ٢٩٢٨) وغيرهم من طريق يحيى بن سعيد الأمويّ، عن ابن جريج، عن ابن أبي مليكة، عن أمّ سلمة، ولفظ التّرمذيّ: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يقطّع قراءته يقول: الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعالَمِينَ ثمّ يقف، الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ ثمّ يقف، وكان يقرأها:
مالِكِ يَوْمِ الدِّينِ.
قال الدّارقطنيّ [وقد روى الحديث في «سننه» (٣١٢ - ٣١٣)]: «إسناده صحيح، وكلّهم ثقات».

<<  <   >  >>