والمعنى في هذه الأحاديث: أنّ سرعة تفلّت القرآن من صدور الحفّاظ أشدّ من سرعة انطلاق البعير حين يفكّ من قيده، ومن طبعه شدّة النّفور، فإذا انطلق شقّ إمساكه، وربّما ذهب فلا يقدر عليه؛ لذا أمر النّبيّ صلى الله عليه وسلم الحفّاظ على المواظبة على مراجعة حفظهم للقرآن، وإلّا ذهب عليهم.
وهذا الأمر بالمعاهدة إنّما هو على سبيل النّدب المؤكّد لا الوجوب، كما سأبيّنه في المبحث التّالي.
[المبحث السادس: التحذير من هجر القرآن]
تقدّم في المبحث الأوّل ذكر تحذير الله تعالى عباده من الإعراض عن القرآن، وتوعّد على ذلك.
والإعراض عن القرآن صفة الكافرين، كما قال الله تعالى: حم (١) تَنْزِيلٌ مِنَ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ (٢) كِتابٌ فُصِّلَتْ آياتُهُ قُرْآناً عَرَبِيًّا لِقَوْمٍ يَعْلَمُونَ (٣) بَشِيراً وَنَذِيراً فَأَعْرَضَ أَكْثَرُهُمْ فَهُمْ لا يَسْمَعُونَ (٤) وَقالُوا قُلُوبُنا فِي أَكِنَّةٍ مِمَّا تَدْعُونا إِلَيْهِ وَفِي آذانِنا وَقْرٌ وَمِنْ بَيْنِنا وَبَيْنِكَ حِجابٌ [فصّلت: ١ - ٥].