ويكمن فيما أودع الله في كتابه من القوانين الّتي تشهد في استقامتها وعدلها وصلاحها لكلّ زمان أنّها من عند الله، وأن لا طاقة للخلق أن يوجدوا لها نظيرا، مهما بلغت العقول.
ذلك أنّ التّشريع مبنيّ على تحقيق مصالح العباد في الدّارين، ولا يحيط بتلك المصالح أحد من خلق الله؛ لقصور العلم، والنّقص بالطّبع، لكنّ الله سبحانه هو الخالق، فهو أعلم
بخلقه وحاجتهم وما يكون به صلاحهم وفسادهم، أَلا يَعْلَمُ مَنْ خَلَقَ وَهُوَ اللَّطِيفُ الْخَبِيرُ [الملك: ١٤].
فلذا جاء تشريعه موصوفا بالحسن المطلق وبالحقّ المطلق، كما قال عز وجلّ: وَمَنْ أَحْسَنُ مِنَ اللَّهِ حُكْماً لِقَوْمٍ يُوقِنُونَ [المائدة: ٥٠]، وقال:
وَلا يَأْتُونَكَ بِمَثَلٍ إِلَّا جِئْناكَ بِالْحَقِّ وَأَحْسَنَ تَفْسِيراً ٣٣ [الفرقان: ٣٣]، وقال تعالى: اللَّهُ الَّذِي أَنْزَلَ الْكِتابَ بِالْحَقِّ وَالْمِيزانَ [الشّورى: ١٧]، وقال عز وجلّ: إِنَّا أَرْسَلْناكَ بِالْحَقِّ بَشِيراً وَنَذِيراً [البقرة: ١١٩]، وقال سبحانه: وَكَذَّبَ بِهِ قَوْمُكَ وَهُوَ الْحَقُّ [الأنعام: ٦٦]، وقال تعالى: