تعظيم المصحف شعبة من الإيمان، ذلك لما فيه من كلام الله ربّ العالمين تبارك وتعالى، وقد ترتّب على هذا التّعظيم أحكام ومسائل كثيرة، كردّة المستهين به، وانعقاد اليمين بالحلف به، وغير ذلك.
وقصدت في هذا المبحث ذكر طرف من تلك الأحكام، وهو ما تمسّ حاجة التّالي إلى معرفته، فإليك ذلك:
١ - مسّ المصحف مع الحدث:
تقدّم في أدب القارئ بيان جواز قراءته للقرآن مع الحدث، أصغر كان أو أكبر، ومثله القول في مسّ المصحف، مع الحثّ على الطّهارة استحبابا.
والوجه في الجواز: أنّه الأصل، ولم يثبت ما ينقله عن ذلك.
وتقدّم في المبحث السّابق حديث ابن عبّاس، رضي الله عنهما، أنّ رسول الله صلى الله عليه وسلم خرج من الخلاء، فقرّب إليه طعام، فقالوا: ألا نأتيك بوضوء؟ قال:«إنّما أمرت بالوضوء إذا قمت إلى الصّلاة».
وفيه دليل على أنّ مسّ المصحف لم يؤمر بالوضوء له.
وأكبر ما تعلّق به من منع المحدث من مسّ المصحف آية وحديث، فأمّا الآية فقوله تعالى: إِنَّهُ لَقُرْآنٌ كَرِيمٌ (٧٧) فِي كِتابٍ مَكْنُونٍ (٧٨) لا يَمَسُّهُ إِلَّا الْمُطَهَّرُونَ ٧٩ [الواقعة: ٧٧ - ٧٩]، فقالوا: دلّت الآية على حرمة مسّ المصحف لمن لم يكن على طهارة.