لما تقدّم ذكره من خطورة الكلام في تفسير القرآن بالهوى وبغير علم، وصيانة للكتاب العزيز عن العبث في معانيه يشترط في المتكلّم فيه (المفسّر) شروط، هي صفات لازمة لا يحلّ التّعرّض لتفسير القرآن بدونها:
الشّرط الأوّل: صحّة الاعتقاد وسلامة المنهج.
والعلّة في هذا أنّ فساد الاعتقاد والمنهج يصير بصاحبه إلى تحريف دلالة القرآن إلى ما يعتقد وينهج، وقد وقع ذلك من طوائف ممّن تصدّى للتّفسير ولم يكونوا على الاستقامة، فقالوا على الله غير الحقّ وحرّفوا الكلم عن دلالته، ككلامهم في تحريف معاني الصّفات، والوعد والوعيد، وغيرها من آيات العقائد والإيمان.
والمقياس: الوقوف عند ما جاء به الكتاب، وثبت به الخبر عن الصّادق المصدوق صلى الله عليه وسلم، مع متابعة الأثر عن أصحاب النّبيّ صلى الله عليه وسلم وأئمّة التّابعين، ثمّ من جرى على منهاجهم ممّن جعل الله لهم الإمامة في الدّين، من أمثال الأئمّة أبي حنيفة ومالك وسفيان الثّوريّ وعبد الله بن المبارك والأوزاعيّ وسفيان بن عيينة والشّافعيّ وأحمد بن حنبل والحميديّ والبخاريّ وابن