وذهب إلى الجواز كذلك: الحسن البصريّ، وسعيد بن جبير في الرّواية الأخرى، وأبو الشّعثاء جابر بن زيد (١).
وأمّا من بعدهم من أهل العلم فلم تخرج مذاهبهم عن هذه الثّلاثة.
والوجه في المذهب الأوّل خوف التّأكّل بالقرآن ببيع المصاحف، وعدم الإعانة على ذلك بشرائها.
والوجه في الثّاني في الإذن بالشّراء: مسيس الحاجة إلى المصاحف.
والوجه في الثّالث البناء على الأصل، إذ المنفعة في البيع حاصلة بسبب ما يبذل في كتابته من جهد، وما يحتاج إليه في إعداده من ورق ومادّة كتابة وجلد وغير ذلك، وتلك أشياء مقوّمة، يجوز بيعها وشراؤها، هذا مع ما ينضمّ إليه من حاجة النّاس إلى المصاحف.
وهذا الثّالث هو أصحّ مذاهبهم، إذ لو صحّح أصل المنع لذهبت به على النّاس مصالح عظيمة، فذلك ممّا يقلّ به انتشار المصحف، كما أنّا إذا تركنا كلّ أحد إلى اختياره في كتابة المصاحف لعجز أكثر النّاس، كما أنّه سيكتبه من يحسن ومن لا يحسن، بخلاف أن تختصّ به طائفة تحسن كتابته وطباعته ومراجعته وتغليفه، فتجعله بين أيدي النّاس ميسور الأخذ، محكم الصّنعة،
(١) أخرجه أبو عبيد (ص: ٣٩١) عن الحسن والشّعبيّ وابن جبير، وعبد الرّزّاق (رقم: ١٤٥٢٨) وسعيد بن منصور (رقم: ١١٣، ١١٥) عن أبي الشّعثاء والحسن والشّعبيّ، وسعيد (رقم: ١١٦) عن الحسن وحده بأسانيد صحيحة.