للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

والقول بأنّ التّرتيب للسّور اجتهاديّ لا ينافي تواتر القرآن، فهو مقطوع بنقله تامّا عن رسول الله صلى الله عليه وسلم، وذلك لا يؤثّر فيه تقديم لسورة وتأخير لأخرى، وليس اعتقاد ذلك التّرتيب من لوازم الإيمان.

وما جاء أنّ جبريل كان يعارض النّبيّ صلى الله عليه وسلم القرآن ليس فيه أنّه كان على هذا التّرتيب، فقد تكون تلك المعارضة على ترتيب النّزول.

على أنّ الظّاهر أنّ بعض سور القرآن كان مرتّبا منذ عهد

النّبيّ صلى الله عليه وسلم، كالسّبع الطّوال أو بعض سور المفصّل من سورة (ق) إلى آخر القرآن، وإن لم يكن هناك دليل يفيد القطع بالتّرتيب.

قال الإمام مالك بن أنس: إنّما ألّف القرآن على ما كانوا يسمعون من قراءة رسول الله صلى الله عليه وسلم (١).

ورأى بعضهم أنّ ترتيبه توقيفيّ إلّا (الأنفال) و (براءة) لما جاء في حديث عثمان المتقدّم، فيكون هذا قولا ثالثا، وليست حجّته بقويّة.

وحاصل خلافهم: ترجيح المذهب الثّاني لقوّة دليله، وهو أنّ ترتيب السّور كان باجتهاد من الصّحابة.

قال سليمان بن بلال: سمعت ربيعة (هو ابن أبي عبد الرّحمن المعروف بربيعة الرّأي) يسأل: لم قدّمت البقرة وآل عمران وقد نزل قبلهما بضع وثمانون سورة بمكّة، وإنّما نزلتا بالمدينة؟ فقال: قدّمتا، وألّف القرآن على


(١) أخرجه الدّاني في «المقنع» (ص: ٨) بإسناد صحيح.

<<  <   >  >>