(٢) أخرجه ابن ماجة (رقم: ١٩٤٤) وأبو يعلى (رقم: ٤٥٨٧، ٤٥٨٨) من طريق محمّد بن إسحاق، عن عبد الله بن أبي بكر، عن عمرة، عن عائشة. وعن عبد الرّحمن بن القاسم، عن أبيه، عن عائشة، به. قلت: ابن إسحاق صدوق، ومن كانت هذه صفته فإنّ حديثه يكون في درجة الحسن بعد السّبر والنّظر الّذي يخلص منه إلى نقائه من الخلل، كذلك هو رجل مشهور بالتّدليس مكثر منه، يدلّس عن المجروحين، وشرط قبول رواية من هذا حاله أن يذكر سماعه ممّن فوقه، فإذا قال (عن) لم يقبل منه. وابن إسحاق له في هذا الخبر إسنادان كما ترى، وجمعه الأسانيد بعضها إلى بعض وحمل المتن على جميعها ممّا عيب عليه، فربّما كان اللّفظ عنده بأحد الإسنادين فيحمل الآخر عليه؛ لأنّه حسبه بمعناه، وقد لا يكون كذلك.
- قيل لأحمد بن حنبل: ابن إسحاق إذا تفرّد بحديث تقبله؟ قال: «لا، والله إنّي رأيته يحدّث عن جماعة بالحديث الواحد، ولا يفصل كلام ذا من ذا» (تهذيب الكمال ٢٤/ ٤٢٢). نعم؛ ربّما كان يرويه تارة فيذكر أحد إسناديه، كذلك أخرجه أحمد (٦/ ٢٦٩) وابن الجوزيّ في «نواسخ القرآن» (ص: ١١٨ - ١١٩) من طريق إبراهيم بن سعد، عنه، قال: حدّثني عبد الله بن أبي بكر، فذكره بإسناده دون إسناد ابن القاسم. وحين رأى بعض النّاس تصريح ابن إسحاق بالتّحديث في هذه الرّواية صحّحوها، قالوا: اندفعت شبهة تدليسه، ونقول: فماذا عن شبهة تخليطه؟ ولنجر الكلام في ظاهر الإسناد الآن، فنقول: اندفعت مظنّة التّدليس في روايته عن عبد الله بن أبي بكر، وبقيت قائمة في روايته عن ابن القاسم، هذا على جواز أن =