روى هذا الحديث عن عمرة ثقتان ضابطان كبيران، كلاهما من التّابعين، الواحد منهما فوق عبد الله بن أبي بكر بدرجات، لم يذكرا في حديثهما هذه اللّفظة: الأوّل: القاسم بن محمّد بن أبي بكر. أخرجه ابن ماجة (رقم: ١٩٤٢) والطّحاويّ في «شرح المشكل» (رقم: ٢٠٦٤، ٤٥٦١ م) من طريق حمّاد بن سلمة، عن عبد الرّحمن بن القاسم، عن أبيه، عن عمرة، عن عائشة، قالت: كان ممّا نزل من القرآن ثمّ سقط: أن لا يحرّم من الرّضاع إلّا عشر رضاعات، ثمّ نزل بعد: أو خمس رضاعات. والثّاني: يحيى بن سعيد الأنصاريّ. أخرجه الشّافعيّ (١/ ٢١ - مسنده) ومسلم (٢/ ١٠٧٥) والطّحاويّ (رقم: ٢٠٦٥، ٢٠٦٦، ٤٥٦٧، ٤٥٦٨) والبيهقيّ (٧/ ٤٥٤) من طرق عنه، عن عمرة، عن عائشة، رضي الله عنها، قالت: أنزل في القرآن: عشر رضاعات معلومات، ثمّ أنزل: خمس رضاعات. فهذان الحافظان لم يذكرا ما ذكره عبد الله بن أبي بكر، قال الإمام الطّحاويّ: «القاسم بن محمّد في الحفظ والإتقان فوق عبد الله بن أبي بكر، لا سيّما وقد وافقه على ما روى من ذلك يحيى بن سعيد، وهو فوق عبد الله بن أبي بكر أيضا» (شرح المشكل: ١١/ ٤٩٠). وقال: «والقاسم ويحيى أولى بالحفظ من عبد الله بن أبي بكر؛ لعلوّ مرتبتهما في العلم؛ ولأنّ اثنين أولى بالحفظ من واحد لو كان يكافئ واحدا منهما، فكيف وهو يقصر عن كلّ واحد منهما، مع أنّ حديثه محال؛ لأنّه لو كان ما روى كما روى؛ لوجب أن يلحق بالقرآن، وأن يقرأ به في الصّلوات كما يقرأ فيها سائر القرآن، وأن يكون أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم قد تركوا بعض القرآن فلم يكتبوه في مصاحفهم، وحاش لله أن يكون كذلك، أو يكون قد بقي من القرآن غير ما جمعه الرّاشدون =