للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

التّابعيّ الثّقة أبو العلاء يزيد بن عبد الله بن الشّخّير، لما صحّ عنه من قوله: «كان رسول الله صلى الله عليه وسلم ينسخ حديثه بعضه بعضا، كما ينسخ القرآن بعضه بعضا» (١).

والدّليل لأصحاب هذا المذهب ليس بخارج عن نفس الآيات الّتي دلّت على ثبوت النّسخ في كتاب الله، وقد تبيّن فيها الدّلالة على صحّة النّسخ بمطلق الوحي لمطلق الوحي، والسّنّة وحي كالقرآن (٢).

وممّا تعلّق به الشّافعيّ قوله تعالى: قُلْ ما يَكُونُ لِي أَنْ أُبَدِّلَهُ مِنْ تِلْقاءِ نَفْسِي فقال: «فيه بيان ما وصفت من أنّه لا ينسخ كتاب الله إلّا كتابه، كما كان المبتدئ لفرضه فهو المزيل المثبت لما شاء منه، جلّ ثناؤه، ولا يكون ذلك لأحد من خلقه» (٣).

وهذا استدلال صحيح لو كانت السّنّة من تلقاء نفس النّبيّ صلى الله عليه وسلم، فإنّها لا تكون ناسخة لحكم ثبت تشريعه بالكتاب، أمّا اعتقاد كونها وحيا أوحاه الله لنبيّه صلى الله عليه وسلم مثل القرآن، فقد ساوته في معناه وإن غايرته في لفظه، وسبق


(١) أثر صحيح. أخرجه مسلم في «صحيحه» (رقم: ٣٤٤) وأبو داود في «المراسيل» (رقم: ٤٥٦) وأبو نعيم في «مستخرجه» (رقم: ٧٧٧) والخطيب في «الفقيه والمتفقه» (رقم: ٣٢٣) والحازميّ في «الاعتبار» (ص: ٥٠)، وإسناده صحيح.
(٢) وانظر: «الواضح في أصول الفقه» لأبي الوفاء ابن عقيل (٤/ ٢٦٠ - ٢٦٥).
(٣) الرّسالة (ص: ١٠٧).

<<  <   >  >>