ولا اشتغال بتمييز صحيحها من سقيمها، ففسّر القرآن بمجرّد رأيه فزلّت قدمه، وجحد معلوما.
وخذ طرفا ممّا شبّه به هؤلاء ملحقا ببيان فساده، ومن قولهم طرف مدرك الفساد ممّا تقدّم، وطرف بيّن الضّعف أعرضت عنه:
الشّبهة الأولى: القول بالنّسخ يوجب إبطال بعض القرآن، وهذا خلاف قوله تعالى: لا يَأْتِيهِ الْباطِلُ مِنْ بَيْنِ يَدَيْهِ وَلا مِنْ خَلْفِهِ [فصّلت: ٤٢]، والمعنى: أنّ نصوص القرآن وأحكامه لا تبطل أبدا.
ولعلّ هذه الشّبهة أقدم ما اعترض به على موضوع النّسخ.
وأقول: هذا اعتراض بفهم لا بنصّ، يوجب إبطال جميع ما تقدّم ذكره من أدلّة إثبات النّسخ ووقائعه، وكان الأولى بقائله أن يفهم الآية على معنى يتلاءم مع تلك الأدلّة بدلا من العدو عليها بالإبطال، فيصير إلى ما فرّ منه.
الآية نفت الباطل عن كتاب الله وآياته، وليس من ذلك النّاسخ والمنسوخ، فكلاهما حقّ، لا يوصفان بالباطل، إنّما الباطل ما يكون من قبل الخلق لا من قبل ربّ العالمين، تعالى وتقدّس، ولا يزعم قائل بالنّسخ أنّ النّسخ يجوز بغير ما أنزل الله.
فالتّعلّق بهذه الآية لنفي النّسخ اعتداء على القرآن، وتنزيل له على غير مواضعه، فإنّ الله حين نفى تطرّق الباطل لكلامه من جهة من
الجهات، علّل ذلك بكونه تنزيله ووحيه، وما النّاسخ والمنسوخ إلّا من ذلك، فهو