الشّبهة الرّابعة: أنكرت طائفة منسوخ التّلاوة بزعمهم أنّه لم يأت إلّا من طريق روايات آحاد، وهذا الفريق لا ينكر مبدأ النّسخ أصلا، إنّما ينكر هذا النّوع خاصّة بهذه الدّعوى.
وجواب ذلك: أنّ الأحاديث المنقولة في هذا قد استفاضت بالأسانيد الصّحيحة، وكثرتها على طريقة طائفة من أهل العلم يثبت بها التّواتر، مثل آية الرّجم.
فإذا ضممت إلى ذلك السّلامة من الدّليل المعارض لم يحلّ إلّا تصديق تلك الأخبار والإيمان بمقتضاها.
والعجب أنّ أصحاب هذه الدّعوى يصيرون إلى ما دون خبر الواحد الصّحيح في كثير من استدلالهم ممّا يوافق أهواءهم، فإذا جاء ما لا يأتي على مرادهم قالوا:(خبر واحد)، كما أنّ الخلق الأعظم منهم- كما أسلفت- لا خبرة له بالحديث، فيطّلع في المسألة على الحديث الفرد ويفوته سائر ما جاء فيها، بل ربّما فاته من ذلك الصّحيح الثّابت ولم يقف إلّا على الضّعيف الواهي.
والواجب على العالم الانتهاء إلى السّنن الثّابتة، فهو خير من رأي هؤلاء وإن شبّهوا له بالقرآن، فإنّ الآية قد يحتمل لفظها المعاني، فتأتي السّنن الثّابتة على إزالة الاشتباه وتحرير المراد.