فتارة بملاحظة السّياق الّذي وردت فيه الآية، كفهم تقدير الجواب في قوله تعالى: وَلَوْ أَنَّ قُرْآناً سُيِّرَتْ بِهِ الْجِبالُ أَوْ قُطِّعَتْ بِهِ الْأَرْضُ أَوْ كُلِّمَ بِهِ الْمَوْتى بَلْ لِلَّهِ الْأَمْرُ جَمِيعاً [الرّعد: ٣١] ولم يذكر جواب (لو)، وهو مدرك بتأمّل السّياق، والمعنى: لو أنّ قرآنا سيّرت به الجبال أو قطّعت به الأرض أو كلّم به الموتى لكان هذا القرآن.
وتارة بملاحظة سياق الآيات، كفهم المراد بالقارعة ممّا يليها من نفس بيان القرآن، وذلك في قوله تعالى: الْقارِعَةُ (١) مَا الْقارِعَةُ (٢) وَما أَدْراكَ مَا الْقارِعَةُ (٣) يَوْمَ يَكُونُ النَّاسُ كَالْفَراشِ الْمَبْثُوثِ ٤ الآيات [القارعة: ١ - ٤]، فقد فسّرها ما بعدها.
وتارة يكون فهم المراد من خلال تأمّل ورود التّفسير في موضع آخر في القرآن، كتفسير قوله تعالى: يَوْمِ الدِّينِ في سورة الفاتحة، بقوله في سورة الانفطار: وَما أَدْراكَ ما يَوْمُ الدِّينِ (١٧) ثُمَّ ما أَدْراكَ ما يَوْمُ الدِّينِ (١٨) يَوْمَ لا تَمْلِكُ نَفْسٌ لِنَفْسٍ شَيْئاً وَالْأَمْرُ يَوْمَئِذٍ لِلَّهِ [الآيات: ١٧ - ١٩].
وتارة بتتبّع مواضع التّكرار، إذ ليس في القرآن تكرار بمعنى إعادة الشّيء نفسه مرّة أخرى على سبيل التّساوي من كلّ وجه، وإنّما التّكرار في كلّ موضع له من الدّلالة ما يستقلّ به عن الموضع الآخر، إمّا بزيادة تفسير أو تفصيل أو دليل، فالبحث عن معنى الآية أو الآيات من خلال جمعها والمقارنة بينها وبين مواضع تكرارها طريق عظيم الأثر في فهم القرآن، مثل الرّبط بين الأمر بالحجّ في سورة آل عمران في قوله تعالى: وَلِلَّهِ عَلَى النَّاسِ