والمنقول عن غير ابن عبّاس من الصّحابة يأتي على سبيل الرّوايات المتفرّقة، لا النّسخ المجموعة، سوى ما ذكرته آنفا من تفسير السّدّيّ عن مرّة عن ابن مسعود.
كذلك وردت جملة من تفسير أبيّ بن كعب من طريق أبي جعفر الرّازيّ، عن الرّبيع بن أنس، عن أبي العالية الرّياحيّ، عن أبيّ.
وخرّج ابن جرير منها قدرا يسيرا، وإسنادها إذا سلم من علّة إلى أبي جعفر، فهو إسناد لا بأس به، وأبو جعفر صدوق فيه لين.
كما يجب التّنبّه إلى أنّ كتب التّفسير بالمأثور لم يحترز أكثرها من الاعتماد على تفسير مقاتل بن سليمان، وكان رجلا متّهما بالكذب وفساد الاعتقاد، وهو غير مقاتل
بن حيّان، فهذا ثقة، وهو صاحب تفسير أيضا، لكنّه إذا ذكر قيّد بذكر أبيه.
ولا أشكّ أنّ استبعاد ما لا يثبت إسناده من التّفسير المأثور، سواء ما يعزى للصّحابة أم من دونهم من التّابعين؛ يبعد كثيرا من الخلل والاختلاف وضعف الوجه في التّفاسير المنقولة، كما تبرأ بها ساحة المفسّر، وليس يخشى من روايات الضّعفاء والمجروحين ممّا له أصل معروف، فرواياتهم لا تزيد عن أن تكون شاهدا لما هو معروف،
وإنّما في روايات كثيرة موجودة في كتب التّفسير بالمأثور، ليس لها ما يشدّها، ربّما انتصر بها صاحب هوى لمذهبه وهواه.