للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

فالمجاز أسلوب من أساليب العربيّة، نعم هو مبتكر في تسميته كسائر مصطلحات فنون العربيّة، ولكنّه جزء من هذه اللّغة.

وظهور الكلام فيه قديم، حتّى نسب أبو الخطّاب وابن عقيل القول به إلى الإمام أحمد بن حنبل (١).

والأصل أن لا يصار إليه إلّا عند تعذّر حمل اللّفظ على حقيقته.

ومن علامة المجاز: أنّه لا يؤكّد بالمصدر ولا بالتّكرار، تقول:

(أراد الحائط أن يسقط)، فإرادته مجاز، بدليل أنّه لا يصحّ أن يقال:

(أراد الحائط أن يسقط إرادة شديدة)، وتقول: (قالت الشّجرة فمالت)، ولا تقول: (قالت الشّجرة فمالت قولا شديدا).

فالتّكليم في قوله تعالى: وَكَلَّمَ اللَّهُ مُوسى تَكْلِيماً [النّساء: ١٦٤] حقيقة؛ لأنّه أكّده بالمصدر، وفي قوله: إِنَّما قَوْلُنا لِشَيْءٍ إِذا أَرَدْناهُ أَنْ نَقُولَ لَهُ كُنْ فَيَكُونُ ٤٠ [النّحل: ٤٠]، أكّد القول بالتّكرار، كما أكّد المعنى بإنّما، فانتفى المجاز (٢).

كذلك فإنّ المجاز إنّما يظهر معناه بردّه إلى أصله، بخلاف الحقيقة، فمعناها ظاهر في لفظها (٣).


(١) التّمهيد، لأبي الخطّاب (١/ ٨٠)، الواضح، لابن عقيل (٢/ ٣٨٦).
(٢) تأويل مشكل القرآن، لابن قتيبة (ص: ١١١)، وذكر ابن عقيل في «الواضح» (٢/ ٣٩٥) كذلك علامات أخرى تميّزه عن الحقيقة.
(٣) الواضح، لابن عقيل (١/ ١٢٨).

<<  <   >  >>