تصحّ به الصّلاة، فلا تنتقل مذاكرته إلى الوجوب، وإنّما كرهنا أن يفرّط فيما حفظ، لكثرة ما يفوته من الفضل بفواته.
وقد وجدت طائفة من أفاضل العلماء يوردون الحرج على كثير من عامّة المسلمين بهذين الحديثين، وربّما حال ذلك دون إقبال بعض النّاس على حفظ القرآن؛ خوفا من الوعيد الوارد فيهما، ففاتهم بسببه خير عظيم.
والّذي نحثّ عليه كلّ مسلم أن يهتدي بهدي أصحاب النّبيّ صلى الله عليه وسلم في حفظهم للقرآن، كمّا وكيفا، استظهارا لألفاظه وفهما لمعانيه وعملا بأحكامه وشرائعه، وأن يقدّم الاعتناء بالتّدبّر والعمل على مجرّد استظهار حفظه، فذلك الغرض الّذي لأجله أنزل القرآن، وإنّما يراد الحفظ ليستعان به على هذا الغرض، لا للاستكثار والمباهاة وأن يقول النّاس:
(فلان حافظ)، نسأل الله العافية في الدّنيا والآخرة.
تذييل: وتثبيت حفظ القرآن يكون بامتثال الأمر النّبويّ بتعاهده، وسؤال الله تعالى التّوفيق والعون على ذلك.
أمّا ما يروى ممّا يسمّى ب (صلاة حفظ القرآن) فهو بدعة غير مشروعة، إذ الرّواية فيها ساقطة موضوعة، وهي أربع ركعات تؤدّى ليلة الجمعة، وتقرأ فيها سور معيّنة، ويقال فيها دعاء مخصوص، وتكرّر في أسابيع (١).
...
(١) وردت هذه الصّلاة في حديث طويل، روي من حديث عليّ بن أبي طالب، رضي الله عنه، بيّنت وهاءه في «علل الحديث».