للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

أنّ رجلا مرّ برسول الله صلى الله عليه وسلم وهو يهريق الماء (١)، فسلّم عليه الرّجل، فردّ عليه رسول الله صلى الله عليه وسلم، ثمّ قال: «إذا رأيتني هكذا فلا تسلّم عليّ، فإنّك إن تفعل لا أردّ عليك السّلام» (٢).

ففي هذا دليل على كراهته صلى الله عليه وسلم ردّ السّلام وهو يقضي حاجته، وإنّما الكراهة لكونه ذكرا لله تعالى، هذا مع أنّ ظاهر الحديث أنّه ردّ عليه تلك المرّة وهو لم يزل يقضي الحاجة، فدلّ على الجواز في الأصل، ولو كان حراما لم يردّ عليه أصلا. ثمّ علّمه ما ينبغي أن يكون عليه الأدب مستقبلا.

فإن قيل: لكنّ هذا الحكم في حال الشّخص لا في شأن الموضع.

قلنا: نعم، لكنّا نعلم أنّ السّبب عائد إلى الخبث والنّجس، وأنّ

ذكر الله لا يصلح في حال مواقعة ذلك، والخبث في موضع الخلاء دائم، فهو أولى بتنزيه ذكر الله أن يكون فيه.

وفي قصّة بول الأعرابيّ في المسجد ما يؤكّد هذا المعنى:


(١) أراد البول.
(٢) حديث صحيح. أخرجه ابن الجارود في «المنتقى» (رقم: ٣٧) من طريق سعيد بن سلمة بن أبي الحسام، والخطيب في «تاريخه» (٣/ ١٣٩) من طريق إبراهيم بن محمّد الفزاريّ، كلاهما عن أبي بكر
بن عمر بن عبد الرّحمن، عن نافع، عن عبد الله بن عمر، به.
قلت: إسناد ابن الجارود حسن، سعيد بن سلمة صدوق حسن الحديث، ومتابعته صالحة للاعتبار.
وللحديث شاهد عن جابر بن عبد الله عند ابن ماجة (رقم: ٣٥٢) بإسناد صالح.

<<  <   >  >>