وأمّا الحديث الّذي استدلّوا به على فرض الطّهارة لذلك، فهو حديث:«لا يمسّ القرآن إلّا طاهر».
وهذا على لفظ النّفي ومعناه النّهي، وقد بيّنت وجهه في موضع آخر بما حاصله: أنّ وصف (طاهر) ثابت للمسلم بإسلامه، لا يزيله عنه حدث إلّا الكفر، لما جاء من حديث أبي هريرة:
أنّه لقيه النّبيّ صلى الله عليه وسلم في طريق من طرق المدينة وهو جنب، فانسلّ فذهب فاغتسل، فتفقّده النّبيّ صلى الله عليه وسلم، فلمّا جاءه قال:«أين كنت يا أبا هريرة؟» قال: يا رسول الله، لقيتني وأنا جنب فكرهت أن أجالسك حتّى أغتسل، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «سبحان الله! إنّ المؤمن (وفي لفظ: المسلم) لا ينجس».
وكذلك وقع لحذيفة بن اليمان نحو قصّة أبي هريرة (١).
فهذا دليل بيّن على أنّ الطّهارة ثابتة للمسلم لا يزيلها عنه جنابة أو ما دونها. وهذا بخلاف الكافر، فإنّ الله تعالى قال: إِنَّمَا الْمُشْرِكُونَ نَجَسٌ [التّوبة: ٢٨]، وبغضّ النّظر عن معنى النّجاسة فيه، فإنّه وصف مانع لنا من تمكينه من مسّ المصحف في الأصل، والاستثناء من ذلك على ما سيأتي واقع بقيد.
(١) حديث صحيح. متّفق عليه من حديث أبي هريرة: أخرجه البخاريّ (رقم: ٢٧٩، ٢٨١) ومسلم (رقم: ٣٧١). وانفرد به مسلم (رقم: ٣٧٢) عن حذيفة.