أبو الحسن ابن القطان - رحمه الله تعالى -: وأما زعمهم أن متن الحديث بالجملة، لا بالنسبة إلى رواية راو بعينه مضطرب فذلك عندي خطأ من الإعلال، والصواب هو أن ننظر رواية كل راو بحسبها، ونعلم ما يخرج عنه فيها، فإن صح من طريق قبل، ولو كانت له طرق أخرى ضعيفة، وهم إذا قالوا: هذه روي فيه بدينار، وروي بنصف دينار فباعتبار صفات الدم، وروي دون اعتبارها، وروي باعتبار أوّل الحيض وآخره، وروي بخمسي دينار، وروي بعتق نسمة فأثبت من هذا في الذهن صورة سواء، وهو عند التبين والتحقيق لا يضرّه، ونحن نذكر الآن كيف هو صحيح بعد أن نقدم أن نقول يحتمل قوله:(دينار، أو نصف دينار) ثلاثة أمور.
أحدها: أن يكون تخييرا، ويبطل هذا بأن يقال: إنّما يصح التخيير بين شيئين، أمّا من فعل الشيء، أو بعضه فمحال إذ حكم التخيير أن يكون بين شيئين، أو أشياء حكمها واحد، فإذا خيرّ بين الشيء وبعضه كان بعض أحدهما متروكا بغير بدل.
والأمر الثاني: أن يكون شكا من الراوي.
والثالث: أن يكون باعتبار حالين، وهذا هو الذي يتعين منها، ونبينه بأن عبد الحميد بن عبد الرحمن بن زيد بن الخطاب اعتمده أهل الصحيح، منهم البخاري، ومسلم، ووثّقه النسائي، والكوفي، ويحق له، فقد كان محمود السيرة في إمارته على الكوفة لعمر ضابطا لما يرويه ومن دونه في السند لا يسأل عنهم، وسيتكرر على سمعك من بعض المحدّثين أنّ الحديث في كفارة من أتى حائضا لا يصح فليعلم أنّ لا عيب له عندهم إلا الاضطراب زعموا، فمِمّن صرح بذلك أبو علي بن السكن قال: هذا حديث مختلف في إسناده ولفظه، ولا يصح مرفوعا، لم يصححه البخاري، وهو صحيح من كلام ابن عباس. . انتهى، فنقول له: الرجال الذين رووه مرفوعا ثقات، وشعبة إمام أهل الحديث، قد ثبت في رفعه إيّاه، فممن