رواه عنه مرفوعا يحيى القطّان، وناهيك به، وغندر، وهو أخصّ النّاس به، ورواه سعيد بن عامر، عن شعبة، فقال: عن الحكم، عن عبد الحميد، عن مقسم، عن ابن عباس قوله، وقال شعبة: أما حفظي فمرفوع، وقال: فلان، وفلان: إنه كان لا يرفعه، فقال له بعض القوم: يا أبا بسطام، ثنا بحفظك ودعنا من فلان وفلان، فقال: والله ما أحب أني حدثت بهذا، أو سئلت، أو أني عمرت في الدنيا عمر نوح عليه السلام في قومه، فهذا غاية التثبت، وهبك أن أوثّق أهل الأرض خالفه فيه، فوقفه على ابن عباس، كان ماذا؟ أليس إذا روى الصحابي حديثا عن النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يجوز له، بل يجب عليه أن يتقلّد بمقتضاه فيفتي به، هذا قوة للخبر، لا توهين له، فإن قلت: فكيف بما ذكر ابن السكن، ثنا يحيى، وعبد الله بن سليمان، وإبراهيم قالوا: ثنا عبد الرحمن بن مهدي، ثنا شعبة بالإسناد المتقدّم مثله موقوفا، وقال رجل: إنّك كنت ترفعه؟ قال: إني كنت مجنونا فصححت؟
قلنا: نظن أنه لما أكثر عليه في رفعه إياه توقى رفعه، لا لأنه موقوف، لكن إبعادا للظنة عن نفسه، وأبعد من هذا الاحتمال أن يكون شك في رفعه في ثاني حال، فوقفه، فإن كان هذا، فلا نبالي أيضا، بل لو نسي الحديث بعد أن حدّث به لم يضرّه، فإن أبيت إلا أن يكون شعبة رجع عن رفعه، فاعلم أنّ غيره من أهل الثقة والأمانة قد رواه عن الحكم مرفوعا، كما رواه شعبة فيما تقدّم، وهو عمرو بن قيس الملائي، قال فيه عن الحكم ما قال شعبة من رفعه إياه، إلا أن لفظه: فأمره أن يتصدّق بنصف دينار، ولم يذكر دينارا، وذلك لا يضرّه، فإنه إنّما حكى قصة معينة قال فيه: واقع رجل امرأته وهي حائض، فأمره النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أن يتصدّق بنصف دينار.
ذكره النسائي، فهذه حال يجب فيها نصف دينار، وهو مؤكد لما قلناه من أن دينارا، أو