متأخرة، فلم يكن القصر مباحا إلا بعد تمام الفرض، وذلك يعود إلى معنى واحد في أنّ القّصر إنّما ورد بعد تمام الصلاة أربعا، ولا حاجة بنا إلى أصل الفرض اليوم؛ لأنّ الإجماع منعقد بأنّ صلاة الحضر ثابت أربعا، وبالله التوفيق، انتهى.
وقد ذكر أبو زيد السهيلي رحمه الله تعالى لحديث عائشة وجها حسنا، وهو قوله: وذكر الحربي أنّ الصلاة قبل الإسراء كانت صلاة قبل غروب الشّمس، وصلاة قبل طلوعها: قال تعالى: {وَسَبِّحْ بِحَمْدِ رَبِّكَ بِالْعَشِيِّ وَالْإِبْكَارِ}، وقال يحيى بن سلام مثله، فعلى هذا: يحتمل قولها زيد في صلاة الحضر، أي زيد فيها حتى أكملت خمسا، فتكون الزيادة في الركعات، وفي عدد الصلوات، ويكون قولها: فرضت الصلاة ركعتين أي قبل الإسراء، وقد قال بهذا طائفة من السلف منهم: ابن عباس. . انتهى، وبمثله ذكره ابن الجوزي في كتاب الوفا بفضائل المصطفى صلى الله عليه وسلم، عن محمد بن أحمد بن البراء، ومقاتل بن سليمان، وأما قول أبي بشر الدولابي في تاريخه: وروي عن عائشة، وأكثر الفقهاء: أنّ الصلاة نزلت بتمامها فمحمول على إتمام العدد، لا الركعات، والله تعالى أعلم، وفي قوله صلى الله عليه وسلم: ما بين هذين وقت أراد به تعليم الأعرابي بأن الصلاة تجوز في آخر الوقت لمن نسي، أو كان له عذرٌ، أو خشي منه عليه السلام أن يظنّ أنّ الصلاة في آخر الوقت لا تجزئ، وزعم الأصيلي أنه قال: لم يصح عند مالك حديث الوقتين، وإنما قال بالوقتين بعمل أهل المدينة، وذكر عن الشيخ أبي الحسن أنه قال: حديث الوقتين لم يخرّجه البخاري، وسأله الترمذي لِم لم تخرجه، وقد رواه قتيبة عن مالك؟!.
فقال البخاري: انفرد به قتيبة، قال أبو الحسن: أراد البخاري أن قتيبة غريب رحّال، يذكر عن الليث شيئا لم يذكره غيره، وأهل مصر أقعد بمالك، وأعلم بحديثه، ولم يوجد عندهم، فاستراب منه، وإلا فقتيبة ثقة حافظ، وذكر غيره أنّ مثل هذا لا يرد به خبره، لثقته. . انتهى، وقد بينا حديث الوقتين مصححا قبل، والله تعالى أعلم.