وصلّى النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بالنّاس، وطوّل الركعتين الأوليين، ثم قصّر الباقيتين. . . الحديث، وفي كتاب الطبراني من حديث ياسين الزيّات، عن أشعث، عن الحسن، عن أبي هريرة، وأبي سعيد قالا: أوّل صلاة فرضت على النبي الظّهر، وفي الدلائل للبيهقي، عن علي: أوّل صلاة ركعناها العصر، وهو معارض لما تقدّم لو صح إسناده، قال أبو عمر: قوله: الصلاة جامعة؛ لأنه لم يكن يومئذ أذان، وإنما كان الأذان بالمدينة بعد الهجرة بعام، أو نحوه، فقال من ذكرنا قوله حديث نافع بن جبير هذا مثل حديث الحسن، وهو ظاهر حديث مالك، والجواب عن ذلك ما تقدّم ذكرنا له من الآثار الصحاح المتصلة في إمامة جبريل لوقتين، وفيها زيادة يجب قبولها، والعمل بها لنقل العدل لها، وليس تقصير من قصر [عن حفظ ذلك وإتقانه، والإتيان به بحجة، وإنما الحجة في شهادة من شهد، لا في قول من قصر عن حفظ ذلك]، وأجمل، واختصر، على أنّ هذه الآثار منقطعة؛ وإنما ذكرناها لما وصفنا؛ لأن فيها أنّ الصلاة فرضت في الحضر أربعا، لا ركعتين، على خلاف ما زعمت عائشة، وقال بذلك جماعة، وردوا حديث عائشة، وإن كان إسناده صحيحا، بضروب من الاعتلال، ويجاب أنا لا حاجة لنا إلى أصل الفرض إلا من طريق القصر، ولا وجه لقول من قال: إنّ حديثهما يعارضه القرآن، وهو قوله تعالى:{وَإِذَا ضَرَبْتُمْ فِي الْأَرْضِ فَلَيْسَ عَلَيْكُمْ جُنَاحٌ أَنْ تَقْصُرُوا مِنَ الصَّلَاةِ}.
وقد أجمع العلماء أنه لا يكون قصّر من ركعتين في شيء في السّفر في الأمن؛ لأن حديث عائشة قد أوضح أنّ الصلاة زيد فيها في الحضر، ومعلوم أنّ الفرض فيها كان بمكة شرفها الله تعالى، وعظّمها، وأنّ الزيادة كانت بالمدينة، وأنّ سورة النساء