قول أبي حنيفة وصاحبيه، قال: وحديث الإسفار ناسخ لحديث التغليس، وقال الدبوسي: لا يدع التأخّر لمن ينام في بيته بعد الفجر، بل يحضر المسجد لأوّل الوقت، ثم ينتظر الصلاة ليكون له ثواب المصلي بانتظارها، ويكف عن الكلام بالكينونة في المسجد، ثم يصلي لآخر الوقت، ولو صلى لأوّل الوقت قبل ما يمكنه المكث والمقام إلى طلوع الشّمس، بل ينتشر بعد الفراغ لحديث الدنيا، وذهب الشافعي، وأحمد، وإسحاق، والليث، والأوزاعي، وأبو ثور، وداود، ومالك في الصحيح عنه: إلى أنّ التغليس أفضل، قال ابن المنذر: وقد روينا عن أبي بكر، وعمر، وعثمان، وعلي، وأبي موسى، وابن الزبير، وابن عمر، وأبي هريرة أخبارا تدل على أنّ التغليس بالصلاة أفضل من تأخيرها. انتهى.
وقد ذكرنا عن علي ما يخالف هذا، وكذلك عن عمر بن الخطاب، وأما آخر وقتها، فمذهب الجمهور: أنه طلوع الشمس، قال القرطبي: وهو المشهور من مذهب مالك، قال: وعلى هذا لا يكون لها عنده وقت ضرورة، ولا يؤثم تارك الصلاة إلى ذلك الوقت متعمدا، وروى ابن القاسم، وابن عبد الحكم عنه أنّ آخر وقتها الإسفار الأعلى، فعلى هذا يكون ما بعد الإسفار وقت لأصحاب الأعذار، ويؤثم من أخرّها إلى ذلك الوقت، وعن أبي سعيد الإصطخري: من صلاها بعد الإسفار الشديد كان قاضيا لا مؤديا، وإن لم تطلع الشمس، وفي الإشراف أجمع أهل العلم على أنّ مصلي الصبح بعد طلوع الفجر وقبل طلوع الشمس أنه مصليها في وقتها، وقال في الإقناع: أوّل وقت صلاة الصبح: طلوع الفجر الثاني المعترض المستطير، وآخر وقتها لغير المعذور: الإسفار. انتهى كلامه، وفيه نظر؛ من حيث جعله في الأوّل وقتا مطلقا لغير المعذور، وللمعذور، وفي الثاني قيده بالمعذور وجعله إجماعا، وقد ذكرنا قبل أن لا إجماع، والله تعالى أعلم.