للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الظهر أوّل وقت العصر، فلو أنّ رجلين صلى أحدهما الظهر والآخر العصر حين صار ظل كل شيء مثله لكانا مصليين في وقتهما، قائل هذا إسحاق، وذكر عن ابن المبارك، وأما الشافعي، فكان يقول: أوّل وقت العصر إذا جاوز ظل كلّ شيء مثله، متى ما كان وذلك حين ينفصل من آخر وقت الظهر، وقد حكي عن ربيعة قول ثالث، وهو أنّ وقت الظهر في السفر والحضر: إذا زالت الشمس، وفيه قول رابع: وهو أنّ وقت العصر أن يصير الظل قامتين بعد الزوال، ومن صلى قبل ذلك لم يجزه، هذا قول النعمان، وفي ذلك أخبار ثابتة عن رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ. انتهى كلامه، وفيه نظر في قوله، هذا قول النعمان يعني: وحده وأغفل كونه مرويا عن الإِمام أحمد أيضا فيما ذكره أصحابه، وأما الأحاديث التي استدل بها أبو حنيفة فكثيرة، من ذلك حديث رافع بن خديج أن رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: كان يأمر بتأخير هذه الصلاة، ذكره الدارقطني في سننه، عن أبي بكر النيسابوري، ثنا محمد بن يحيى، ثنا أبو عاصم، وثنا الحسين بن إسماعيل، وأحمد بن علي بن العلاء، ثنا أبو الأشعث، ثنا أبو عاصم، ثنا عبد الواحد بن نافع قال: دخلت مسجد المدينة فأذّن مؤذن بالعصر قال: وشيخ جالس فلامه، وقال: إنّ أبي أخبرني، فذكره، قال: فسألت عنه، فقالوا: هذا.

النظر الرابع: قوله: ولا يصح عن أحد من الصحابة مردود؛ لما ذكره الحاكم، ثنا محمد بن أحمد بالويه، ثنا محمد بن شاذان الجوهري، ثنا المعلى بن منصور، ثنا عبد الرحيم بن سليمان، ثنا أبو إسحاق الشيباني، عن العباس بن ذريح، عن زياد بن عبد الله النخعي قال: كنّا جلوساً مع علي - رضي الله عنه - في المسجد الأعظم فجاء المؤذن والكوفة يومئذ أخصاص، فقال: الصلاة يا أمير المؤمنين للعصر، فقال: اجلس فجلس، ثم عاد، فقال ذلك، فقال علي: هذا الكلب يعلمنا بالسنة فقام علي فصلى بنا العصر، ثم انصرفنا، فرجعنا إلى المكان الذي كنا فيه جلوسا فجثونا للركب لنزول الشمس بالمغرب نتراءاها، هذا حديث صحيح الإسناد، ولم يخرجاه بعد احتجاجهما برواته، انتهى كلامه، وفيه نظر من حيث إن زيادا، وابن ذريح المنفرد عنه بالرواية والمعلى لم يحتجا، ولا أحدهما بواحد منهم ومع ذلك فهم ثقات، فلو قال: صحيح الإسناد وسكت لكان صواباً، وفي مسند ابن أبي شيبة أنّ عليَا كان يؤخر العَصر، وما أسلفناه من عند أبي عيسى أنا علي بن حجر، أنبأ ابن علية، عن أيوب، عن ابن أبي مليكة، عن أم سلمة: أن النبي صلى الله عليه وسلم كان أشد تعجيلا للظهر منكم وأنتم أشد تعجيلا للعصر منه.

وما في الصحيح: يتعاقبون فيكم ملائكة بالليل وملائكة بالنهار، ويجتمعون في صلاة الفجر وصلاة العصر، وفيه يقولون: تركناهم وهم يصلون وأتيناهم وهم يصلون، وهو يدل على فعل العصر آخر الوقت حتى تعرج الملائكة وهم يصلون، ومفهوم حديث بريدة المتقدّم: بكروا بالصلاة في يوم الغيم، عدم التبكير في الصحو، وهذا المفهوم حجّة عند الشّافعي - رحمه الله تعالى - وبما ذكره عبد الرزاق، وإن كان منقطعَا، فإنه لا بأس بالحجة به عند أبي حنيفة، قال سليمان بن موسى: نبئت أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: صلوا صلاة العصر بقدر ما يسير الراكب إلى ذي الحليفة ستة أميال وبما في صحيح مسلم، عن عمارة بن رؤيبة سمعت النبي صلى الله عليه وسلم: لن يلج النار أحد صلى قبل طلوع الشمس وقبل غروبها يعني: الفجر والعصر، وبما سلف من حديث ابن عمرو وغيره، وكلها صحاح، وما روي مرسلا أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: لا تزال أمتي بخير ما لم يؤخروا العصر إلى اشتباك النجوم قال ابن حزم: لم

<<  <  ج: ص:  >  >>