ويقال أيضًا: إنها زائدة، فإن جعلته فيعالا من قولهم تشيطن الرجل، صرفته، وإن جعلته من شيط لم تصرفه، لأنه فعلان، وفي الكامل: وزعم أهل اللغة أن كل متمرد من جن، وإنس، أو سبع، أو حية يقال له: شيطان، وأن قولهم: تشيطن إنما معناه تخبث، وتنكر، قال الراجز:
أبصرتها تلتهم الثعبانا … شيطانة تزوجت شيطانا
وقوله:(ولا حرج): يعني فلا إثم، قال تعالى:{لَيْسَ عَلَى الْأَعْمَى حَرَجٌ} ويقال: معناه: الضيق، قال تعالى:{يَجْعَلْ صَدْرَهُ ضَيِّقًا حَرَجًا}، ويقال: معناه: الشك، وهذا ليس مرادًا في الحديث، وهو بالفتح والكسر وتسكين الراء أيضًا، قال الخطابي: معناه التخيير بين الماء الذي هو الأصل في الطهارة، وبين الأحجار التي هي للترخيص والترفه، يريد أن الاستجمار ليس بعزيمة، لا يجوز تركها إلى غيره، لكنه إن استنجى بالحجارة فليجعله وترًا، وإلا فلا حرج إن تركه إلى غيره، وليس معناه رفع الحرج في ترك التعبد أصلًا، بدليل حديث سلمان: نهانا أن يستنجي أحدنا بأقل من ثلاثة أحجار، هكذا قاله، وهو غير ظاهر؛ لأن قوله: من استجمر فليوتر، ومَنْ لا فلا حرج إنما يريد الإيتار في الاستجمار وعدمه، لا ذكر للاستنجاء بالماء فيه، على هذا أوله الطحاوي وغيره.
قال الطحاوي: في الحديث دلالة على أنه - عليه السلام - قعد للغائط في مكان ليس فيه أحجار، وأيضًا فقد اكتفى - عليه السلام - بحجرين لما ألقى الروثة، لأنه لو كان لا يجزئ بما دون الثلاث لما اكتفى بالحجرين، ولأمر عبد الله أن يبغيه ثالثًا، ففي تركه ذلك دليل على اكتفائه بالحجرين انتهى. وفيه نظر من وجهين:
الأول: قوله دل هذا الحديث على أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قعد للغائط في موضع ليس فيه