وقال المنذري: يحتمل أنه كان في الجمعة لا في الجماعة، وقيل: كان ذلك في أول الإسلام حين الترغيب في الجماعة وسد الباب على المنافقين في ترك حضورها، وقيل: لعلّه كان ممن ينصرف في أمر دنياه دون قائد ككثير من العميان. انتهى.
أمّا قوله في الجمعة فغير شيء؛ لأن من قدر على الجماعة لا يعذر على الجمعة بطريق الأولى، وأما قوله: لعله ممن كان ينصرف في أمر دنياه فكذلك أيضًا؛ لأنّ من استطاع المجيء في الليل قبل الناس ليؤذِّن دليل على كثرة تصرفه، والذي يظهر من هذا أنه رجل من المهاجرين الفقراء الذين لم يألفوا المدينة ولا أمكنتها فتوهم أن ذلك يكون عذرًا له في التخلّف عن الجماعة، فلما استقر قراره وألِف أمكنتها صار متصرفا بنفسه ومؤذنَا لا يحتاج إلى قائد ولا غيره.
وأمّا ترخيصه لعتبان فظاهره أنّه بعد هذا وأنّ له أعذارا منها السمن المفرط والسيل والريح الذي ابن أم مكتوم غير ملتبس بها، والله تعالى أعلم.
وفي المشكل للطحاوي: اختلف أهل العلم؛ فقالت طائفة منهم بوجوب حضور الجماعة على الضرير كوجوبها على الصحيح، وجعلوه كمن لا يعرف الطريق فلم يعذر بجهله، وعذره آخرون، وقد روي القولان جميعَا، عن أبي حنيفة؛ غير أنّ الصحيح عندنا عنه هو وجوب حضورها عليه وإلى ذلك كان يذهب محمد، ولا يحكي فيه خلافَا بينه وبين أحد من أصحابه.