للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ذكر الفذّ بالألف واللام المقيدة للعموم، فيدخل تحته كل فذّ من معذور وغيره، يؤيّده قوله: أو في سوقه؛ إذ العليل لا يكون في السوق غالبا، وعلى تقدير ذلك فصلاة المعذور أجرها كصلاة الصحيح قال عليه السلام: إذا كان العبد يعمل عملًا ثم مرض أمر الله ملائكته أن تكتب له أجر عمله في صحته، ذكره البخاري: أجيب بأن المفاضلة لا تمنع أن تقع في الواجبات أنفسها؛ أي أنّ صلاة الجماعة في حق من فرضه صلاة الجماعة تفضل صلاة المنفرد في حق من سقط عنه وجوب صلاة الجماعة لمكان العذر بتلك الدرجات المذكورة، وهذا الجواب سبق ردّه ولله الحمد.

وزعم المهلب أن التحريق أريد به المنافقين، وإليهم يوجّه الوعيد محتجا بقوله: لو يعلم أحدهم أنّه يجد عرقًا، قال: وليس هذا من صفات المؤمن، وبنحوه قاله البيهقي، عن الشافعي. رأى ذلك ابن حزم وابن بطال، واستدل بعضهم به على أنّ الجماعة ليست فرض عين، ولو كانت فرضًا لما تركهم، وزعم بعضهم أنّ هذا كان أوّل الإِسلام حيث كانت العقوبة في المال.

وأجمع العلماء على منع العقوبة بالتحريق في غير المتخلف، عن الصلاة والغال في الغنيمة، وجوزوا به أخذ أهل الجرائم على غرة، وفيه دليل على أنّ تارك الصلاة متهاونًا يقتل على قول من يقول: إنَّ الخطاب للمؤمن.

وأمّا حديث ابن أم مكتوم فزعم بعضهم أنه كان مؤذنا ومستخلفا على غيره، ولأنه رخّص لغيره ولم يرخّص له؛ قلنا: قد تأوّله أبو بكر بن خزيمة والحاكم والبيهقي وأبو بكر بن إسحاق الفقيه وأبو سليمان - رحمهم الله تعالى - على أنه لا رخصة لك إن طلبت فضل الجماعة وأنك لا تحرز أجرها مع التخلف عنها بحال.

<<  <  ج: ص:  >  >>