قال ابن قدامة: اختار هذه الرواية أكثر أصحابنا، وهو قول الحسن، وابن المسيب، والنخعي، وأبي قلابة، وربيعة، وابن شهاب، ويحيى بن سعيد الأنصاري، ومجاهد مستدلين بقوله صلى الله عليه وسلم: فلا تختلفوا عليه ولا اختلاف أعظم من اختلاف النيات، وبقوله عليه السلام: الإمام ضامن يعني: يضمنها صحة وفسادا والفرض ليس مضمونا في النفل، وبقوله: إذا أقيمت الصلاة فلا صلاة إلا المكتوبة مفهومه: أنه لا يصلي نافلة غير الصلاة التي تقام؛ لأن المحذور وقوع الخلاف على الأئمة، وهو منتفي مع الاتفاق من الجمهور على جواز صلاة المتنفل مع الفرض، ولو تناوله النهي لما جاز مطلقا؛ فعلم أن المراد الانفراد عن الإمام بما يشوش عليه.
قال ابن العربي: وقوله: لا يظن بمعاذ تفويت صلاة الفرض خلفه - عليه السلام - قلنا: سائر أئمة مساجد المدينة أليس كانت الفضيلة تفوتهم معه عليه السلام وامتثال أمره - عليه السلام - في إمامة قومه زيادة طاعة، أو يحتمل أن يكون معاذ يصلي مع النبي - صلّى الله عليه وسلّم - صلاة النهار، ومع قومه صلاة الليل أو يحتمل على أنها حكاية حال لم تعلم كيفيتها فلا يعمل بها.
وزعم المهلب أنّ ذلك يحتمل أن يكون في أوّل الإسلام وقت عدم القراء، ووقت لا عوض لهم من معاذ فكانت حال ضرورة فلا تجعل أصلا يقاس عليه. انتهى. يؤيّد قوله ما أسلفناه في حديث ابن رفاعة، وأنّ ذلك كان قبل أحد، ثم إن اختلاف أسماء المصلين، وما يصلي به، والصلاة فيه دلالة على تعدّد ذلك، والله سبحانه وتعالى أعلم.