كلامه نظر؛ لأن الحربي ذكر في كتاب العلل من تأليفه: هذا الحديث اختلف فيه أصحاب معاذة؛ فرفعه قتادة، وليس منتشرا عنه، وأوقفه يزيد الرشك، واتفق على ذلك أصحابه إلَّا ابن شوذب فإنه رفعه، والوهم في ذلك منه أو من ضمرة، والصواب ما أجمع عليه شعبة، وابن علية، وحماد بن زيد، وعبد الوارث، وجعفر بن سليمان.
ورواه أبو قلابة أيضا فأوقفه، ولم أسمعه عنه إلا من حديث أيوب، ولم يختلف أصحاب أيوب إلا ابن طهمان، فإنه رفعه.
ورواه عاصم الأحول فأوقفه، إلَّا أن أبا زيد قد رفعه عنه، وعاصم أحفظ من أبي زيد، إن شاء الله.
ورواه إسحاق بن سويد وعائشة ابنة عرار، فأوقفاه، والحديث عندي - والله أعلم - موقوف؛ لكثرة من أجمع على ذلك ممن تقدّم ذكره، فهذا كما ترى غير قتادة رفعه.
ووهم ابن شوذب عن يزيد وابن طهمان، وأبو زيد عن أيوب. وفي كلام أبي إسحاق الحربي نظر، وذلك في قوله: وفي حديث عائشة ابنة عرار وإسحاق بن سويد موقوف.
ولما ذكره الطبراني في الأوسط، فإنه لما ذكر حديث عائشة مرفوعا، قال: لم يروه عنها إلَّا هشام بن حسان، تفرد به عمر بن المغيرة.
وقال في حديث إسحاق حين رواه كذلك: لم يروه عنه إلَّا إبراهيم بن مرثد العدوي، تفرد به حوثرة بن أشرس، ولئن سلمنا لهم أن غير قتادة لم يروه، وأنه منفرد بذلك، فلا يضر ذلك الحديث؛ لأنه مع علمه وحفظه إذا رفع حديثا خالفه فيه غيره، قبل قوله، وهو الصحيح؛ لكونها زيادة من حافظ، والله تعالى أعلم.
وفي حديث معاذة المذكور علة أغفلاها، أعني الإِمامين أحمد والحربي، وهي انقطاع ما بين قتادة ومعاذة، ذكر ذلك يحيى بن معين فيما حكاه عنه ابن أبي حاتم، وفي كتاب البلخي: قال شعبة: كنت إذا قدمت المدينة يسألني الأعمش عن حديث قتادة، فقلت له يوما: ثنا قتادة، عن معاذة، فقال: عن امرأة؟! اغرب، اغرب.