الناسخ والمنسوخ إلى أن الحكم الأول كان ثابتا بالقرآن ثم نسخ بالقرآن إذ القرآن لا ينسخ إلا بالقرآن، وكذلك السنة، ثم إن استقبال القبلة شرط لصحة صلاة الفرض والواجب إلّا في حالة الخوف، قال في المحيط: التوجه شرط زائد بدليل صحة صلاة النافلة بدونه فجاز أن يقام مقام غير القبلة مقامها عند التعذر.
وفي كتاب النووي: لتعلم أدلة القبلة ثلاثة أوجه:
أحدها: أنه فرض كفاية.
الثاني: فرض عين.
الثالث: فرض كفاية إلا أن يريد سفرا.
ولا يصح قول من قال: فرض عين، إذ لم ينقل عنه صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، ولا عن أحد من السلف إلزام آحاد الناس بعلم أدلة القبلة في حق مقيم ولا مسافر، بخلاف أركان الصلاة وشروطها، ثم من كان بمكة، فالفرض في حقه إصابة عين الكعبة سواء كان بين المصلي وبينها حائل بجدار أو لم يكن حتى لو اجتهد وصلى فبان خطؤه، قال الرازي الحنفي: يعيد، وعن محمد بن الحسن: لا يعيد إذا بان له ذلك بمكة أو المدينة.
وفي كتاب أبي البقاء: وضع جبريل محراب النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مساميا للكعبة، وقيل: كان ذلك بالمعاينة، وأما من كان غائبَا عن الكعبة ففرضه جهتها لا عينها، وهو قول عامة مشايخ الحنفية، وقال الجرجاني: شيخ القدوري: الفرض إصابة عينها في حق الحاضر والغائب، وعند الشافعي: فرض المجتهد مطلوبه عينها في أصح القولين، والله أعلم.