بيّن، وموافقة للمرجئة، وكيف يجوز لذي لب أن يحمل هذه الآثار على عمومها، وهو يسمع قوله تعالى:{يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا تُوبُوا إِلَى اللَّهِ تَوْبَةً نَصُوحًا}، وقوله تبارك وتعالى:{وَتُوبُوا إِلَى اللَّهِ جَمِيعًا أَيُّهَا َ الْمُؤْمِنُونَ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ} في آي كثيرة، ولو كانت الطهارة والصلاة وأعمال البرّ مكفرة للكبائر، والمتطهر المصلي غير ذاكر لذنبه ولا قَاصد إليه، ولا حضره في حينه ذلك الندم عليه لما كان لأمر الله تعالى بالتوبة معنى، ولكان كلّ من توضأ وصلى، يشهد له بالجنة بإثر سلامه من صلاته، وإن ارتكب قبلها ما شاء من الموبقات الكبائر، وهذا لا يقوله أحد ممن له فهم صحيح، وقد أجمع المسلمون أنَّ التوبة على المذنب فرض، والفروض لا يصح أداء شيء منها إلا بقصد ونية، وقال - عليه السلام -: الندم توبة. وقال: الصلوات الخمس، والجمعة إلى الجمعة، ورمضان إلى رمضان، مكفرات ما بينهن ما اجتنبت الكبائر.
وهذا يبيّن لك ما ذكرنا، ويوضح لك أن الصغائر تكفر بالصلوات لمن اجتنب الكبائر، فيكون على هذا المعنى قوله تعالى:{إِنْ تَجْتَنِبُوا كَبَائِرَ مَا تُنْهَوْنَ}، كفرنا عنكم الصغائر بالصلاة والصوم والحج وأداء الفرائض، وإن لم تجتنبوا الكبائر، ولم تتوبوا منها، لم تنتفعوا بتكفير الصغائر، إذا واقعتم الموبقات المهلكات، وهذا كله قبل الموت، وبهذا قال جماعة المسلمين، وجاءت به الآثار الصحاح، ولو تدبر هذا القائل الحديث الذي فيه ذكر خروج الخطايا من فيه ويديه ورأسه ورجليه؛ لعلم أنّها الصغائر في الأغلب، ولعلم أنها معفو عنها بترك الكبائر.
دليله: قوله - عليه السلام -: العينان يزنيان، والفم يزني، ويصدق ذلك كله الفرج، أو يكذبه. يريد - والله أعلم - أن الفرج بعمله يوجب الهلكة، وما لم يكن كذلك فأعمال البر تغسل ذلك كلّه، والله أعلم.
١٨ - حدّثنا أبو بكر بن أبي شيبة، ومحمد بن بشار قالا: ثنا غندر محمد بن جعفر، عن شعبة، عن يعلى بن عطاء، عن يزيد بن طلق، عن عبد الرحمن بن البيلماني، عن عمرو بن عبسة، قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: إن العبد إذا توضأ فغسل يديه خرت