وأمّا قول أبي إسحاق: وهو مذهب الشعبي وعكرمة والحسن - ففيه نظر؛ لما ذكره ابن أبي شيبة في مصنفه بأسانيد صحيحة عنهم بالمسح.
وأمّا ما حكاه عن علي وابن عباس، فقد ردّه أبو محمد بن حزم، وذكر أنهما قالا به.
وأما ما حكاه عن محمد بن الحسن من أنّ الكعب عنده في ظهر القدم، فكذلك هو، ولكن بزيادة: في كلّ رجل كعبان، في القدم كعب، وفي الساق كعب.
حكى ذلك أبو جعفر عنه، قال: وقال غيره: في كل قدم كعب، وموضعه ظهر القدم، وقال آخرون: هو الدائر مغرز الساق، وهو مجمع العروق من ظهر القدم إلى العراقيب.
وأمّا ما حكاه من الإجماع فلا دليل عليه.
قوله: ولم يذكر هو شيئا من ذلك، ولا يكفي في الإَجماع أنَّ عليا وابن مسعود وابن عمر قالوا به؛ لأنّ عليًا لم يقل شيئًا يخالف فيه ابن مسعود، فكيف يتجّه قوله على هذا، فينظر فيه، والله أعلم.
وأمّا قوله: إنّ عطاء لقي عشرة من الصحابة في معرض مدحه، وذلك مشعر بألّا زيادة على ذلك، وليس كذلك؛ لما ذكره الحافظ ابن سرور من أنّه رأى: عقيل بن أبي طالب وأبا الدرداء، وسمع: ابن عباس وابن عمر وابن عمرو وابن الزبير وجابرا وأبا هريرة ورافع بن خديج ومعاوية بن أبي سفيان وزيد بن خالد وجابر بن عُمير الأنصاري وأبا سعيد الخدري وعائشة، انتهى.
وفيه نظر لما حكاه هو أنّ عطاء ولد في آخر خلافة عثمان، وأبو الدرداء توفي سنة إحدى أو اثنتين وثلاثين، فكيف تتصوّر روايته لأبي الدرداء، وهذا لا يمكن أصلًا، وقد وردت أحاديث لا بد من تأويلها أوردها، وهو رفاعة بن رافع سمع النبي -صلى الله عليه وسلم- يقول، فذكر حديثا فيه: ويمسح برأسه ورجليه إلى الكعبين، وسيأتي ذكره في الباب الذي بعد هذا، وحديث على: كنت أرى أنَّ باطن القدم أحقّ بالمسح حتى رأيت النبي -صلى الله عليه وسلم- يمسح ظاهرهما، وقد تقدّم طرف منه.
وهذان الحديثان ألجآ من قال من أهل الظاهر بالجمع، وإن كان ابن شاهين ذكر أن هشيمًا قال: كان هذا في مبدأ الإِسلام،