ذلك حديث صفوان، فعم - عليه السلام - كل نوم، ولم يخص قليله من كثيره ولا حالًا من حال وسوى بينه وبين الغائط والبول، وهذا قول أبي هريرة وأبي رافع وعروة بن الزبير وعطاء والحسن وابن المسيَّب وعكرمة والزهري والمزني وغيرهم، وذهب الأوزاعي إلى أن النوم لا ينقض كيف كان، ويرده ما أسلفناه من عند ابن المنذر.
قال أبو محمد: وهو قول صحيح عن جماعة من الصحابة، وعن ابن عمر ومكحول وعبيدة، وذكر حديث فيضعون جنوبهم، وحديث ينامون ثم يصلون، قال: لو جاز القطع بالإِجماع فيما لا يتيقن أنه لم يشذ عنه أحد؛ لكان هذا يجب أن يقطع فيه بأنه إجماع، لا تلك الدعاوى التي يدعونها، وذهب داود بن علي إلى أنّ النوم لا ينقض الوضوء إلا نوم المضطجع فقط، وهو قول روي عن عمر بن الخطاب وابن عباس ولم يصح عنهما، وعن ابن عمر، وصح عنه، وصح عن النخعي وعطاء والليث والثوري والحسن بن حي.
وذهب أبو حنيفة إلى قول - يعني ما تقدم - لا نعلمه عن أحد من المتقدّمين إلَّا أن بعضهم ذكر ذلك عن ابن أبي سليمان والحكم، ولا نعلم كيف قالا، وأمّا قول الشّافعي فما نعلم تقسيمه يصح عن أحد من المتقدّمين، إلا أنّ بعض الناس ذكر ذلك عن طاوس وابن سيرين، ولا نحققه. انتهى كلامه.
وفيما حكاه أنه رواه البيهقي من جهة يزيد بن أبي زياد، قال: وقد روي مرفوعا، والمرسل إذا عُضِّده مرسل آخر أو قول صحابي كان عند جماهير المحدثين أقوى من مسندٍ لو عارضه. والله أعلم.