ولقائل أن يقول: الذي سلف من عند أبي داود وابن حبان أقرب مما ذكره الرازي؛ لتباعد لفظ المتنين، ولعدم جواز التعبير بأحدهما عن الآخر، والانتقال من أحدهما إلى الآخر إنما يكون عن غفلة شديدة يبعد عنها شعيب، وقول أبي داود أقرب؛ لأنّه يمكن أن يعبر بهذه العبارة عن معنى الرواية الأولى، ولقائل أن يقول أيضا: المراد بآخر الأمرين ما ذكره جابر أولا، من أنه أكل لحما وخبزا، ثم توضأ، ثم أكل فضل طعامه وصلى، ثم لم يتوضأ، فكان الآخر من الفعل الأول ترك الوضوء، فصحّ إذا الاختصار، كان جائزا فهم من التابع الراوي عنه أنّه عرف روايته للحديث الأوّل، فعبر له بعبارة موجزة يفهمها السامع، والله أعلم.
وعلى هذا لا تعلق لمن ادّعى النسخ بقوله: آخر الأمرين.
وأمّا ابن حزم فزعم بعد تصحيحه حديث آخر الأمرين أنّ من قال: إنّه مختصر من الأول، قول بالظن، والظن أكذب الحديث، بل هما حديثان اثنان كما وردا؛ حديث ابن المنكدر وحده، ولفظ ابن أبي داود في كتاب الطهارة: أن امرأة اشترت حائطا، فسألت النبي صلى الله عليه وسلم أن يأتيه ويدعو فيه بالبركة … الحديث.
وفي لفظ: كنّا زمان النبي صلى الله عليه وسلم وما نجد من الطعام إلا قليلا، فإذا نحن وجدنا لم يكن لنا مناديل إلا أكفنا وسواعدنا وأقدامنا، ثم نصلي ولا نتوضأ.
وفي سنن الكجي: جئنا امرأة من الأشراف، وهي جدة خارجة بن زيد بن ثابت، وفيه عنه أن النبي أخذ بكفه جرعة فمضمض من غبر الطعام، انتهى.
وفي الحديث علّة خفيت على من صححه، ذكرها البخاري في التاريخ الأوسط، فقال: ثنا علي، قلت لسفيان: إن أبا علقمة الفروي قال عن ابن المنكدر، عن جابر: أكل النبي