وقد روى الرخصة في ذلك عن النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ غير من تقدم؛ منهم: عبد الله بن الحارث بن جزء الزبيدي، قال: وضع لنا طعام في عهد رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ في الصفة فأكلنا، ثم أقيمت الصلاة، فصلينا ولم نتوضأ.
وهو حديث ألزم الدارقطني الشيخين إخراجه، وخرجه أبو ذر الهروي في كتابه، وقال ابن منده: تفرد به المصريون، وخرجه ابن حبان أيضا في صحيحه، ورواه أبو القاسم الطبراني في المعجم الكبير عن عمر بن عبد العزيز بن مقلاص، قال: ثنا أبي، قال: ثنا ابن وهب، أخبرني حيوة، عن عقبة بن مسلم، عنه، وقال في الأوسط: لم يروه عن عقبة إلا حيوة بن شريح.
ولفظ أبي داود: لقد رأيتني سابع سبعة - أو سادس ستة - مع النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ في دار رجل، فمرّ بلال، فناداه بالصلاة، فخرجنا فمررنا برجل وبرمته على النار، فقال النبي - عليه السلام -: أطابت برمتك؟! فقال: نعم بأ ي أنت وأمي، فتناول منها بضعة، فلم يزل يعلكها حتى أحرم بالصلاة، وأنا أنظر إليه.
رواه عن أبي الطاهر أحمد بن عمرو بن السرح، ثنا عبد الملك بن أبي كُريمة، حدثني عُبيد بن ثمامة عنه، وبنحوه ذكره أبو زكريا بن منده في كتاب آخر من مات من الصحابة، وفيه رد لما قاله أبو القاسم الطبراني، والله تعالى أعلم؛ لأن الحديث واحد، وإن اختلفت ألفاظه، فكله يدور على معنى واحد؛ وهو اصطلاح المخرجين، وعائشة - رضي الله عنها - قالت: كان النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يأكل خبزا وكتفا، فأقام المؤذن للصلاة، فأراد القيام، فقلت له: ألا تتوضأ يا رسول الله؟ قال: من الأطيبين