بعض كتبه: إن صح الحديث في الوضوء من لحوم الإبل قلت به، وقال علي بن الحسين الأفطس: رأيت محمد بن الحسن يتوضأ من لحوم الإبل، وقال أبو محمد بن حزم: وأكل لحوم الإبل عمدا نيئة أو مطبوخة أو مشوية وهو يدري أنه لحم جمل أو ناقة ينقض الوضوء، ولا ينقضه أكل شحومها محضة، ولا أكل شيء منها غير لحمها، فإن كان يقع على بطونها أو رءوسها أو أرجلها اسم اللحم عند العرب نقض الوضوء وإلا فلا. وبهذا القول يقول أبو موسى الأشعري، زاد أبو عمر في الاستذكار: وأبو ثور - رحمهم الله أجمعين -، قال الخطابي: ذهب عامة أهل الحديث إلى إيجاب الوضوء منه، وأما عامة الفقهاء فمعنى الوضوء عندهم متأوّل على الوضوء الذي هو النظافة ونفي الزهومة، كما روي: توضئوا من اللبن، فإن له دسما.
كما قال: صلوا في مرابض الغنم، ولا تصلوا في أعطان الإبل.
وليس ذلك من أجل أن بين الأمرين فرقا في باب الطهارة والنجاسة؛ لأن الناس إما قائل يرى نجاسة الأبوال كلها، أو قائل يرى طهارتها، والغنم والإِبل سواء عند الفريقين، وإنما نهي عن ذلك لنفارها، وذلك مأمون في الغنم، ومعلوم أن في لحمها من الحرارة والزهومة ما ليس في لحم الغنم، انتهى كلامه.
ولقائل أن يقول: إنما نهي عن الصلاة في أعطان الإبل لما يخالطها من الشياطين، وذلك بين في حديث حمزة بن عمرو الأسلمي: ولا تصلوا في معاطن الإبل؛ على ظهر كل بعير شيطان، فإذا ركبتموهم فسموا الله، ولا تقصروا عن حاجتكم.
وفي حديث عبد الله بن مغفل: ولا تصلوا في معاطن الإبل؛ فإنها خلقت من الشياطين.
ذكرهما أبو القاسم في معجمه، ويكون ذلك لنهيه - عليه السلام - عن الصلاة في الوادي من أجل الشيطان