وضوحا ما ذكره عبد الله بن أحمد في مسائله: سمعت أبي يقول: الإفريقي عن مسلم بن يسار ليس هو البصري، هذا رجل أراه من ناحية إفريقية، يحدّث عن ابن المسيب، وسفيان بن وهب الخولاني، والبصري يحدث عنه ابن سيرين وقتادة، وابنه عبد الله بن مسلم، هذا غير ذاك، وبنحوه ذكره ابن معين فيما ذكره عنه محمد بن أحمد بن تميم القيرواني، قال الخطيب في كتابه المتفق والمفترق، في قول أحمد: يحدّث عن ابن المسيب، نظر، وما أرى الذي يروي عن ابن المسيب إلا مسلم بن أبي مريم، انتهى كلامه.
وفي قول ابن أبي داود: وطنبذ بطن من اليمن، نظر، إنما هي قرية من قرى مصر من عمل البهنسا، قاله السمعاني والرشاطي وغيرهما، ويزيده وضوحا ذكر ابن يونس وغيره إياه في أهل مصر، وقال الحافظ أبو بكر عبد الله بن محمد المالكي في كتابه رياض النفوس: كان الإفريقي من جلة المحدّثين منسوبا إلى الزهد والورع، صلبا في دينه، متفننا في علوم شتّى، مشهورا، أدخله المؤلفون في كتبهم، وكان سفيان الثوري يعظمه ويعرف حقّه، وزار مكة، ولما ولي القضاء سار بالعدل، ولم يقبل من أحد صلة ولا هدية، نزه عن ذلك نفسه، فرفع الله قدره، وأعلى مناره، حتى عزل نفسه عن القضاء، وذلك هو الصحيح، وقيل: مات وهو على القضاء، وقال العلامة أبو جعفر أحمد بن إبراهيم بن أبي خالد في كتابه التعريف بصحيح التاريخ: وفي سنة إحدى وستين ومائة توفي أبو خالد عبد الرحمن بن زياد بن أنعم، وكان قد ولي قضاء إفريقية، فكان عدلا في قضائه، وسمع من جلة التابعين، وقال الحافظ أبو العرب في كتابه طبقات القيروان: وحدثني عيسى بن مسكين عن محمد بن سحنون، قال: قلت لسحنون: إن الفلاس قال: ما سمعت يحيى ولا عبد الرحمن يحدثان عن ابن أنعم، فقال سحنون: لم يصنعا شيئا، عبد الرحمن ثقة، قال سحنون: وكان من يعرف العلم يبقى في صدره، ولا يسألونه - يعنى: أهل إفريقية - فيموت به مثل ابن أنعم بقي