العلم في صدره لم ينتشر عنه ولا يعرف، قال أبو العرب: إنما وجدنا عنه كتابين فقط، سمع من أجلة التابعين، عدلا في قضائه، صلبا، وفي كتاب الساجي: كان عبد الله بن وهب يطري الإفريقي، وكان أحمد بن صالح يوثقه وينكر على من تكلّم فيه، واختلف في وقت وفاته؛ فالذي ذكره الحافظان أبو بكر البغدادي وابن قانع: ست وخمسين، وقبلهما قاله ابن يونس، وأبى ذلك ابن أبي خالد المذكور قبل وأبو العرب وأبو بكر القيروانيون، فقالوا: سنة إحدى وستين، وزاد أبو العرب: في رمضان وهم بأهل بلدهم أخبر - والله أعلم - فقد تبين بمجموع ما تقدّم رجحان قول من وثقه على قول من ضعّفه، وأن العلّة التي ضعف بها حديثه زالت عنه، وأما الأحاديث التي قيل: إنه تفرّد برفعها، فلعلنا نجد فراغا نتبع فيه من تابعه على ذلك، والله تعالى أعلم.
وأما أبو غطيف: فاختلف فيه على ألوان؛ فمنهم من كنّاه كما كنّاه ابن ماجه، ومنهم من قال: عن غطيف، وهو أبو داود، ومنهم من قال: عن ابن غطيف، ويقال: غضيف بضاد معجمة، ذكره الثعلبي.
ولم يختلفوا أنه من هذيل، ولم أر له راويا غير الإفريقي إلا ما ذكره ابن يونس في تاريخه: أبو غطيف الهذلي يروي حاطب بن أبي بلتعة عن عمر في الفتن، وعن عبيد بن رفيع عن عمر، روى عنه بكر بن سوادة، فلا أدري أهما اثنان أم واحد؟ وسبب ذلك أنّ أبا حاتم وغيره لم يذكروا من يكنى بهذه الكنية غيره، فإن كان واحدا - وهو اللائق بحالهما؛ لكونهما مصريين - فالحديث جيّد الإسناد لصيرورته في عداد من روى عنه اثنان، فيخرج بذلك من حد الجهالة العينية إلى الجهالة الحالية، وهي لا تضر مع جودة الإسناد وحسنه، لما