حكى ذلك غضيف، وعبد الله بن أبي قيس، وغيرهما عن عائشة، وأن الأسود حفظ ذلك عنها، فحفظ أبو إسحاق عنه تأخير الوضوء والغسل، وحفظ عبد الرحمن وإبراهيم تقديم الوضوء على الغسل.
ولما ذكر أبو بكر البيهقي في سننه حديث أبي إسحاق قال: سألت الأسود بن يزيد وكان لي جارا وصديقا عما حدّثته عائشة عن صلاة النبي صلى الله عليه وسلم قالت: كان ينام أول الليل ويحيي آخره، ثم إن كانت له إلى أهله حاجة قضى حاجته، ثم نام قبل أن يمس ماء، فإذا كان عند النداء الأوّل قالت: وثب، فلا والله ما قالت: قام، وأخذ الماء، ولا والله ما قالت: اغتسل، وأنا أعلم ما تريد، وإن لم يكن له حاجة توضأ وضوء الرجل للصلاة، ثم صلى ركعتين.
أخرجه مسلم في الصحيح عن يحيى بن يحيى، وأحمد بن يونس، ثنا زهير، عن أبي إسحاق دون قوله: قبل أن يمس ماء؛ وذاك لأنّ الحفاظ طعنوا في هذه اللفظة، وتوهموها مأخوذة عن غير الأسود، وأنّ أبا إسحاق رّبما دلس، فرواها من تدليساته، واحتجوا على ذلك برواية النخعي وعبد الرحمن بن الأسود بخلاف رواية إسحاق، قال: وحديث أبي إسحاق صحيح من جهة الرواية؛ وذلك أنّه بيّن فيه سماعه من الأسود في رواية زهير عنه، والمدلس إذا بين سماعه ممن روى عنه وكان ثقة، فلا وجه لردّه، ووجه الجمع بين الروايتين على وجه يحتمل، وقد جمع بينهما أبو العباس بن سريج، فأحسن الجمع، وذلك فيما أنبأنا أبو عبد الله الحافظ قال: سألت أبا الوليد الفقيه، فقلت: أيّها الإسناد قد صح عندنا حديث الثوري عن أبي إسحاق عن الأسود: كان ينام ولا يمس ماء. وكذلك صح حديث نافع وعبد الله بن دينار عن ابن عمر عن عمر: يا رسول الله، أينام أحدنا وهو جنب؟ قال: نعم إذا توضأ.
فقال ابن الوليد: سألت ابن سريج عن الحديثين، فقال: الحكم لهما