وحديث عثمان بن أبي العاص قال: كان فيما عهد إلي رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: ألا تمس المصحف وأنت غير طاهر.
ذكره ابن أبي داود في كتابه عن أحمد بن الحباب الحميري، ثنا أبو صالح الحكم بن المبارك الخاشتي، ثنا محمد بن راشد، عن إسماعيل المكي، عن القاسم بن أبي بزة عنه، ومحمد بن راشد وشيخه هو: إسماعيل المكي متكلم فيهما.
قال أبو محمد الفارسي: وقراءة القرآن والسجود فيه، ومس المصحف، وذكر الله جائز كل ذلك بوضوء، وبلا وضوء، وللجنب والحائض، برهان ذلك أن هذه أفعال خير مندوب إليها، مأجور فاعلها، فمن ادعى المنع منها في بعض الأحوال كلف أن يأتي بالبرهان، وهو قول ربيعة، وابن المسيب، وابن عباس، وسعيد بن جبير، وقول داود وجمع أصحابنا.
وأما مس المصحف فإن الآثار التي احتج بها من لم يجز للجنب مسه، فإنه لا يصح منها شيء؛ لأنها إما مرسلة وإما صحيفة لا تسند، وإما عن مجهول، وإما عن ضعيف، والصحيح حديث ابن عباس، عن أبي سفيان أنه كان عند هرقل، فجيء بكتاب النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الذي بعث به دحية إلى عظيم بصرى، فدفعه إلى هرقل، فقرأه، فإذا فيه: بسم الله الرحمن الرحيم، من محمد رسول الله إلى هرقل عظيم الروم، سلام على من اتبع الهدى، أما بعد، فإني أدعوك بدعاية الإسلام، أسلم تسلم يؤتك الله أجرك مرتين، فإن توليت، فإن عليكم إثم الأريثيين، {قُلْ يَا أَهْلَ الْكِتَابِ تَعَالَوْا إِلَى كَلِمَةٍ سَوَاءٍ بَيْنَنَا وَبَيْنَكُمْ أَلَّا نَعْبُدَ إِلَّا اللَّهَ وَلَا نُشْرِكَ بِهِ شَيْئًا وَلَا يَتَّخِذَ بَعْضُنَا بَعْضًا أَرْبَابًا مِنْ دُونِ اللَّهِ فَإِنْ تَوَلَّوْا فَقُولُوا اشْهَدُوا بِأَنَّا مُسْلِمُونَ}.
فهذا النبي صلى الله عليه وسلم قد بعث كتاب فيه قرآن إلى النصارى، وقد أيقن أنهم يمسون ذلك الكتاب، فإن ذكروا حديث ابن عمر: كان نبي الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ينهى أن يسافر بالقرآن إلى أرض العدو، مخافة أن يناله العدو، فهذا حق يلزم اتباعه وليس فيه أن لا يمس