إحداهما: أنّ المعروف من رواية الثقات عن عثمان أن الختان إذا مس الختان وجب الغسل أنزل، أو لم ينزل.
والأخرى: أنّه خبر قد رواه بعضهم عن شيبان، عن يحيى، فجعله عن عطاء، عن عثمان لم يجعل بينهما أحدا.
والثالثة: أنّ يحيى كان عندهم مدّلسا، والمدلس لا يقبل عندهم من خبره إلا ما قال: ثنا، وشبهه بكلام لا يجزئ شيئا كما بيّناه.
الثالثة قوله: إنّ أبا سلمة خالفه زيد فغير ضار، ولا منافاة بين قولهما؛ لأن أبا سلمة إمام حافظ، زاد شيئا، فيقبّل منه بإجماع، ولأن الصحابة المذكورين أصحاب فتيا، فلما سئلوا أفتوا بما عندهم من حديث النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ؛ لأنّ مثل هذا لا يؤخذ بالأداء، ونشطوا مرّة أخرى، فتذكروا مستندهم، إن قيل لهم في ذلك، فذكروه، فصار جمعا بين الرواية والفتيا، والله أعلم.
ويوضح ذلك ما ذكره ابن عبد البر في الاستذكار، قال أبو عمر: وقد تدبرت حديث عثمان الذي انفرد به يحيى، فليس فيه تصريح بمجاوزة الختان الختان، وإنما فيه جامع، ولم يمن، وفيه يقول: مجامعة، ولامس الختان الختان؛ لأنه لفظ مأخوذ من الاجتماع يكني عن الوطء، وإذا كان كذلك، فلا خلاف حينئذ، ولو ذكر ما ذكره الحافظ أبو بكر الإسماعيلي في جمعه لحديث يحيى بن أبي كثير كان أولى مما تقدّم، وهو قوله: قال أبو طالب: زيد بن أخزم سمعت يحيى بن سعيد القطّان، وسئل عن حديث أبي أيوب، فلم يحدث به، وقال: نهاني عنه عبد الرحمن، وقال أبو عمر في التمهيد: وحديث أبي سلمة هذا حديث منكر لا يعرف من مذهب عثمان، ولا علي، ولا من مذهب المهاجرين، انفرد به يحيى، وهو ثقة، إلا أنه جاء بما شذ به وأنكر عليه، ونكارته أنّه محال أن يكون عثمان سمع من النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ما يسقط الغسل من التقاء