للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وممن رد عليهم من الصحابة كذلك: عبد الله بن عباس، وعبد الله بن أبي أوفى، وجابر، وأنس، وأبي هريرة، وعقبة بن عامر الجهني، وأقرانهم ، وكانوا يوصون الناس بأن لا يسلموا عليهم، ولا يعودوهم إن مرضوا، ولا يصلوا عليهم إذا ماتوا (١).

وهؤلاء هم غلاة القدرية، وقد اتفق سلف الأمة على تكفيرهم (٢).

وإنكارهم للعلم متضمن لإنكارهم للمراتب الأخرى، إذ لا كتابة بدون علم، ولا مشيئة ولا خلق.

أما الكتابة فإنما تكون لشيء معلوم، فإذا عدم عدمت من باب أولى.

وأما المشيئة فإنها لا تكون إلا بعد العلم بالمراد، فإذا لم يكن المراد معلومًا فلا مشيئة له عندئذ.

وأما الخلق، فإن الخلق يستلزم العلم بكيفية المراد، وإرادة الخالق له، فإذا انتفى العلم انتفى الخلق لانتفاء العلم به ولانتفاء إرادته أيضًا، فنفي العلم نفي للكتابة ونفي للمشيئة وهو نفي للخلق من باب أولى (٣).

ولذلك قال وكيع بن الجراح : "القدرية يقولون: الأمر مستقبل، وإن الله لم يقدر الكتابة والأعمال" (٤)، فجمع بين إنكارهم للعلم،


(١) انظر: التبصير في الدين (٢١).
(٢) انظر: مجموع الفتاوى (٨/ ٤٩١)، درء التعارض (٩/ ٣٩٦)، شفاء العليل (١/ ١٣٠) و (٢/ ٧٨٦).
(٣) وانظر ما تقدم ص (١١٠).
(٤) انظر: مجموع الفتاوى (٧/ ٣٨٥)، ورواه ابن بطة في الإبانة (٢/ ٢٦١) رقم (١٨٧٨) بلفظ: "القدرية يقولون: الأمر مستقبل، وإن الله لم يقدر المصائب".

<<  <  ج: ص:  >  >>