للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وإنكارهم للكتابة وخلق الأعمال.

ويؤيد هذا أن في حكاية أصحاب المقالات كالبغدادي والإِسفْراييني (١) والشهْرسْتاني (٢) (٣) لمذهبهم ما يتبين منه أنهم خالفوا في مسائل أخر هي أصول في باب القدر، سيأتي التنبيه عليها في موضعها.

فلم تنحصر مخالفتهم في إنكار العلم، بل شملت مسائل أخرى، فهذا يؤيد أن إنكارهم للعلم إنكار للمراتب الثلاث الأخرى، وإنكارهم للمراتب كلها نقض لباب القدر عن آخره، والله المستعان.

ويشبه مقالةَ هؤلاء - بل هي شر منها (٤) -: مقالةُ الفلاسفة الذين ذهبوا إلى إنكار علم الله سبحانه بالجزئيات، وحصروا علمه بالكليات فقط، أو قالوا: علمه بالجزئيات كلي، وستأتي مقالتهم مع ردها مستوفاة في المبحث القادم إن شاء الله.


(١) هو: أبو المظفر، طاهر بن محمد الإسفراييني، ثم الطوسي، الشافعي، من كتبه: "التفسير"، و"التبصير في الدين وتمييز الفرقة الناجية عن الفرق الهالكين"، توفي سنة ٤٧١ هـ.
انظر: سير أعلام النبلاء (١٨/ ٤٠١)، وطبقات الشافعية لابن قاضي شهبة (١/ ٢٦١).
(٢) هو: أبو الفتح، محمد بن عبد الكريم بن أحمد الشهرستاني الشافعي الأشعري، ولد سنة (٤٦٧ هـ)، قال ابن أرسلان: "عالم كيِّس متفنن، ولولا ميله إلى أهل الإلحاد وتخبطه في الاعتقاد، لكان هو الإمام"، من كتبه: "نهاية الإقدام في علم الكلام"، و"الملل والنحل"، مات بشهرستانة سنة (٥٤٨ هـ).
انظر: وفيات الأعيان (٤/ ٢٧٣)، وسير أعلام النبلاء (٢٠/ ٢٨٦).
(٣) انظر: الفرق بين الفرق (٣٥)، والتبصير في الدين (٢١)، والملل والنحل (٤٠).
(٤) انظر: درء التعارض (٩/ ٣٩٧).

<<  <  ج: ص:  >  >>