للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وقال ابن المرتضى (١): "وأجمعوا أن فعل العبد غير مخلوق فيه" (٢).

وقال القاضي عبد الجبار في بيان أن الله لم يشأ ما وقع من العباد من المعاصي: "فصل في أنه تعالى يريد جميع ما أمر به ورغَّب فيه من العبادات، ولا يريد شيئًا من القبائح بل يكرهها" (٣)، وذلك أن إرادة القبائح قبيحة، والله منزه عن القبيح؛ فوجب ألا يشاءه (٤).

فلما كانت المشيئة عندهم مرادفةً للمحبة، لم يمكنهم القول بأن الله شاء المعاصي، إذ معلوم أن الله لا يحب المعاصي، فنفوا مشيئته لها.

ونفيهم لمشيئته لها نفي - في حقيقة الأمر - لخلقها؛ إذ لا خلق بلا مشيئة؛ فلو خلقها لكان شائيًا لها - أي محبًّا بزعمهم -، والله لا يحب المعاصي، وبالعكس؛ فنفي الخلق نفي للمشيئة إذ لو شاءها الله لوجدت، فكل ما شاءه الله فلا بد أن يوجد، فنفي خلقها نفي لإرادتها.

فهذه جملة مقالتهم في هذا الباب، وهي تدور على أمرين:

الأول: نفي خلق الله سبحانه لأفعال العباد.


(١) هو المهدي، أحمد بن يحيى بن المرتضى بن المفضل الحسني، من سلالة الهادي إلى الحق، من أئمة الزيدية باليمن، ولد في ذمار سنة (٧٧٥ هـ)، من كتبه: "نكت الفرائد" و"الأزهار في فقه الأئمة الأخيار"، توفي سنة (٨٤٠ هـ) في جبل حجة غربي صنعاء.
انظر: البدر الطالع (١/ ١٥٥)، والأعلام (١/ ٢٦٩).
(٢) طبقات المعتزلة (٨).
(٣) المغني في أبواب التوحيد والعدل (٦/ ٢١٨).
(٤) المصدر السابق (٦/ ٢٢٠).

<<  <  ج: ص:  >  >>