للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

﴿ذَرْنِي وَمَنْ خَلَقْتُ وَحِيدًا﴾ [المدثر: ١١] ليسا في اللوح المحفوظ، والله تعالى يقول: ﴿حم (١) وَالْكِتَابِ الْمُبِينِ (٢) إِنَّا جَعَلْنَاهُ قُرْآنًا عَرَبِيًّا لَعَلَّكُمْ تَعْقِلُونَ (٣) وَإِنَّه فِي أُمِّ الْكِتَابِ لَدَيْنَا لَعَلِيٌّ حَكِيمٌ﴾ [الزخرف: ١ - ٤] فما الكفر إلا هذا يا أبا عثمان؟ قال: فسكت عمرو بن عبيد ساعةً، ثم أقبل عليه فقال: لو كان الأمر على ما تقولون ما كان على أبي لهب من لوم، وما كان على الوحيد من لوم" (١).

فهذه الرواية تظهر جليًّا إنكار عمرو بن عبيد للكتابة.

وبهذا يتبين أن المعتزلة ينكرون مرتبتي المشيئة والخلق، ويثبتون العلم والكتابة - على مخالفة لهم في حقيقة هذا الإثبات، والله أعلم.

وأما الأشاعرة؛ فيخالفون منهج السلف في كثير من التفصيلات المتعلقة بمراتب القدر، إلا أنهم يثبتون هذه المراتب على وجه العموم.

فنصوص الأشعري - إمام المذهب - وما حكاه من إجماعات للسلف تدل على هذا؛ يقول في رسالته "رسالة إلى أهل الثغر": "باب ذكر ما أجمع عليه السلف من الأصول:. . . وأجمعوا على أنه تعالى قد قدَّر جميع أفعال الخلق وآجالهم وأرزاقهم قبل خلقه لهم، وأثبت في اللوح المحفوظ جميعَ ما هو كائن منهم إلى يوم يبعثون. . . وأجمعوا على أن الخلق لا يقدرون على الخروج مما سبق في علم الله فيهم، وإرادته لهم. . . وأجمعوا على أنه خالق لجميع الحوادث وحده لا خالق لشيء منها سواه. . . وأجمعوا على أن جميع ما عليه سائر الخلق من تصرفهم قد قدره الله ﷿ قبل خلقه لهم، وأحصاه في اللوح المحفوظ لهم، وأحاط علمه به وبهم، وأخبر بما يكون منهم، وأن أحدًا لا يقدر على تغيير


(١) أخبار عمرو بن عبيد (٨٧) رقم (٣).

<<  <  ج: ص:  >  >>