للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

كتابه: "فصل المقال وتقرير ما بين الشريعة والحكمة من الاتصال" كما يظهر من اسمه، وحمل على أبي حامد الغزالي لتصريحه بكفرهم حتى إنه نقض كتابه "تهافت الفلاسفة" بـ "تهافت التهافت"، بيَّن فيه وهم أبي حامد على الفلاسفة الأولين، وخطئه في حكاية مذهبهم وإكفارهم.

وليس الأمر كما قاله ابن رشد؛ بل مقالاتهم التي لم يذهب إليها أحد من طوائف المسلمين لا من أهل البدعة ولا من أهل السنة (١).

قال شيخ الإسلام في طريقة ابن رشد هذه: "وأما ما ذكره من أن الفلاسفة لا يقولون إنه لا يعلم الجزئيات، بل يرون أنه لا يعلمها بالعلم المحدث وإنكاره أن يكون المشاؤون من الفلاسفة ينكرون علمه بجزئيات العالم؛ فهذا يدل على فرط تعصبه لهؤلاء الفلاسفة بالباطل، وعدم معرفته بتحقيق مذهبهم؛ فإنه دائمًا يتعصب لأرسطو صاحب التعاليم المنطقية والإلهية" (٢).

وما احتج به ابن رشد في انتصاره للفلاسفة من أنهم يرون أن الرؤيا الصادقة تتضمن الإنذارات بالجزئيات الحادثة في الزمان المستقبل، وأن ذلك العلم يحصل للإنسان في النوم من قِبَل العلم الأزلي المدبر للكل والمستولي عليه (٣) - يعني أن العلم عندهم سبب الإنذار بالجزئيات -؛ فباطل وذلك لأنهم يرون أن هذا العلم الحاصل لهم إنما هو فيض فاض من العقل الفعال


(١) انظر: الرد على المنطقيين (٥٦٨)، ودرء التعارض (٩/ ٣٩٧).
(٢) درء التعارض (٩/ ٣٩٧).
(٣) انظر: فصل المقال (٤٠).

<<  <  ج: ص:  >  >>