للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

تام كامل لم يسبق بجهل ولا يلحقه نسيان ولا تعتريه أي صورة من صور النقص، ومذهب أهل السنة في هذه المسألة مبني على أن العلم التابع لوقوع المعلوم أمر ثبوتي، وليس نسبة عدمية أو إضافية (١).

الرابع: أن نفي العلم بالجزئيات - مباشرة كقول أرسطو، أو مآلًا كقول ابن سينا - أعظم نقصًا من إثبات هذه اللوازم - على فرض كونها نقصًا - فلا يجوز التزام أعظم النقصين حذرًا من أدناهما (٢).

الخامس: أن لفظ "التغير" و"الكثرة" ألفاظ مجملة، فإن أريد بها أن علم الله السابق يتغير بحدوث هذه الجزئيات فهو باطل، وإن أريد بأن العلم التابع لوقوع المعلوم هو قدر زائد عن العلم السابق (٣)، وأن حصوله مشروط بوقوع الجزئي فهذا حق دلت عليه الأدلة كما سيأتي.

السادس: أنكم تقولون الخلق لزم عن ذاته، والعلم لزم عن ذاته، فإن كان العلم يوجب التغير والكثرة؛ فالخلق يوجب ذلك من باب أولى، وإن لم يكن الخلق موجبًا لذلك؛ فألا يكون العلم موجبًا له من باب أولى، فإن الذي يلزم في العلم؛ يلزم في الخلق من باب أولى (٤)، وإذا لم يكن كون الأشياء مفعولة له مما يوجب نقصًا له وكمالًا به؛ فأن لا يوجب كونها معلومة له نقصًا


(١) انظر ما يأتي ص (١٧٩).
(٢) انظر: درء التعارض (٩/ ٤١٣).
(٣) انظر: المصدر السابق (١٠/ ١٨٥).
(٤) انظر: المعتبر لأبي البركات ابن ملكا (٣/ ٧٤)، وقد استحسن شيخ الإسلام هذا الرد فقال: "وما ذكره أبو البركات في المعارضة بالفعل في غاية الحسن" وزاده بسطًا وشرحًا، درء التعارض (٩/ ٤١٥)، وانظر: (١٠/ ٢٩ - ٣٠) منه.

<<  <  ج: ص:  >  >>