للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

المترتبة عليهما.

وبيان عقيدة أهل السنة والجماعة في هذه القاعدة هو في مسألتين:

الأولى: في إثبات علم الظُّهور وأنه غير العلم السابق.

الثانية: في أن علم الظُّهور لا يقدح في العلم السابق.

أما الأولى: فهي مسألة كبيرة دقيقة (١)، وهي مبنية على مسألة أخرى في باب الصفات، وهي: هل هذا العلم التابع لوقوع المعلوم أمر ثبوتي؟ أم أنه نسبة عدمية وإضافة فقط بين العلم السابق والمعلوم؟

والذي عليه عامة السلف وأئمة السنة والحديث أنه أمر ثبوتي كما دل عليه النص؛ وهذا كما في قوله تعالى: ﴿وَقُلِ اعْمَلُوا فَسَيَرَى اللَّهُ عَمَلَكُمْ وَرَسُولُهُ وَالْمُؤْمِنُونَ﴾ [التوبة: ١٠٥]، فقد أخبر بحصول الرؤية بعد وقوع المرئي (٢).

ومعنى هذا الأمر الثبوتي هنا: علم الله بكون الشيء ووجوده - وقت كَونه -، وهذا غير العلم بأنه سيكون - قبل كونه - (٣)، فإذا ثبت وجود أمر ثبوتي هو غير العلم القديم؛ لم يعد هناك ما يُشْكل في إثبات علم الظُّهور.

يوضحه: أن الله لم يخبر بعلمه له بعد وجوده فحسب؛ بل أخبر سبحانه في مواطن كثيرة بأنه يراه بعد وجوده؛ كما قال تعالى: ﴿وَقُلِ اعْمَلُوا فَسَيَرَى اللَّهُ عَمَلَكُمْ وَرَسُولُهُ وَالْمُؤْمِنُونَ﴾ [التوبة: ١٠٥]، وكذا أخبر بأنه يسمعه بعد وقوعه؛ كما قال تعالى: ﴿قَدْ سَمِعَ اللَّهُ قَوْلَ الَّتِي تُجَادِلُكَ فِي زَوْجِهَا وَتَشْتَكِي


(١) انظر: درء التعارض (٩/ ٣٩٥ و ٣٩٧).
(٢) انظر: مجموع الفتاوى (٨/ ٤٩٦).
(٣) انظر: المصدر السابق (٨/ ٤٩٦).

<<  <  ج: ص:  >  >>