للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

إِلَى اللَّهِ وَاللَّهُ يَسْمَعُ تَحَاوُرَكُمَا إِنَّ اللَّهَ سَمِيعٌ بَصِيرٌ﴾ [المجادلة: ١].

قالت عائشة : "الحمد لله الذي وسع سمعه الأصوات؛ لقد جاءت خولة إلى رسول الله تشكو زوجها، فكان يخفى علي كلامها، فأنزل الله ﷿: ﴿قَدْ سَمِعَ اللَّهُ قَوْلَ الَّتِي تُجَادِلُكَ فِي زَوْجِهَا وَتَشْتَكِي إِلَى اللَّهِ وَاللَّهُ يَسْمَعُ تَحَاوُرَكُمَا﴾ الآية" (١).

ومعلوم قطعًا أن السمع والبصر إنما يتعلقان بالموجود بعد وجوده، فإذا خلق الأشياء رآها سبحانه وإذا دعاه عباده سمع دعاءهم (٢)، وإخباره عن رؤيته وسماعه إخبار عن العلم به كذلك، ولهذا كان ابن عباس يفسرها بالرؤية فيقول: ﴿إِلَّا لِنَعْلَمَ﴾: إلا لنرى.

قال شيخ الإسلام : "ففسر [أي ابن عباس] العلم المقرون بالوجود بالرؤية، فإن المعدوم لا يرى بخلاف الموجود، وإن كانت الرؤية تتضمن علمًا آخر" (٣).

وهذا كما لا يخفى تفسير باللازم، فرؤية الشيء بعد وجوده، وكذا سماعه بعد وقوعه من لازمها العلم به، فيلزم من الرؤية والسماع العلم بالمرئي


(١) رواه النسائي: كتاب الطلاق، باب الظهار (٦/ ٤٨٠) ح (٣٤٦٠)، وابن ماجه: كتاب الطلاق، باب الظهار (٣/ ٤٥٧) ح (٢٠٦٣)، كلاهما من طريق الأعمش، عن تميم بن سلمة، عن عروة، عن عائشة ، وعلقه البخاري مجزومًا به عن الأعمش في: كتاب التوحيد، باب قوله تعالى: ﴿وَكَانَ اللَّهُ سَمِيعًا بَصِيرًا﴾ (٩/ ١١٧)، والحديث صححه ابن حجر في تغليق التعليق (٥/ ٣٣٩)، والألباني في ظلال الجنة ح (٦٢٥).
(٢) انظر: الرد على المنطقيين (٤٦٥).
(٣) درء التعارض (١٠/ ١٧٤).

<<  <  ج: ص:  >  >>