للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

يكسبه صفةً ولا يكتسب عنه صفةً" (١).

وذهب الفلاسفة إلى أن علم الله سبحانه سبب في وجود المعلوم، وأن هذا العلم بمجرده هو الموجب لوجود المخلوقات، وليس للمشيئة والقدرة في ذلك مدخل.

قال ابن سينا: "الصور العقلية قد يجوز بوجه ما أن تُستفاد من الصور الخارجية، مثلًا كما تستفيد صورة السماء من السماء، وقد يجوز أن تسبق الصورة أولًا إلى القوّة العاقلة، ثم يصير لها وجود من خارج، مثل ما تعقل شكلًا ثم تجعله موجودًا، ويجب أن يكون ما يعقله واجب الوجود من الكلّ على الوجه الثاني" (٢).

وهذا تصريح واضح في أنّ علم الله سبحانه علم فعلي لا انفعالي، فقد قال الطوسي في شرحه: "فقسم المفعولات إلى ما تكون عللًا لوجود الأعيان الخارجية التي هي صورها، كتعقل الإنسان عملًا غريبًا لم يسبقه أحد إليه، وإيجاد ما يعقله بعد ذلك، ويسمى علمًا فعليًّا، وإلى ما تكون معلولات الأعيان الخارجية كتعقل الإنسان شيئًا شاهد صورته، ويسمى علمًا انفعاليًّا. ونفى المصنف الثاني عن الأول تعالى، لامتناع انفعاله عن غيره" (٣).

وقال الشهرستاني: "ومن مذهبهم [أي الفلاسفة] أنه ليس علم الباري تعالى علمًا انفعاليًّا - أي تابعًا للمعلوم -، بل علمه علم فعلي فهو من حيث هو


(١) نهاية الإقدام في علم الكلام (٧٠).
(٢) الإشارات والتنبيهات (٣/ ٢٧٥ - ٢٧٦).
(٣) شرح الطوسي بهامش الإشارات والتنبيهات (٣/ ٢٧٦).

<<  <  ج: ص:  >  >>